حتى إن محل الولادة لا يوجد فيه ربوة وإنها الآن ينزل إليها بدرج تحت الأرض وقد شاهدته بعيني سنة ١٩٣٥ في شهر مايس عند زيارتي للقدس الشريف والخليل، وذلك المحل المبارك. وعلى هذا والله أعلم أنه لم يرد ذلك المعنى بالسريّ، وإنما معناه ما ذكرناه وهو الموافق للسياق والسباق. وإن استعمال السريّ بمعنى السيد الكريم هو من فصيح الكلام كما أن عود الضمير في ناداها إلى السيد عيسى كما جرينا عليه أوفق وأنسب للمعنى من قول إنه يعود إلى جبريل، لأن نطقه حال ولادته من معجزاته التي جاوبها، وعلى هذا جهابذة المفسرين كالحسن وابن زيد وأبي حيان والجبائي ومجاهد ووهب وابن جبير وابن جرير، ونقله الطبرسي عن الحسن يؤيده قراءة الأبوين والابنين عاصم والجحدري «من» بفتح الميم أي الذي تحتها، وروى أن الحسن وابن عباس قرأ كذلك، وفي الأسئلة النجمية كذلك أيضا، ومن قال على هذه القراءة يراد به جبريل لأنه كان تحت الرّبوة التي ولدت عليها لا دليل له على ذلك، ولا يساعده نظم التنزيل وظاهره ولا يعدل عن الظاهر إلا لأمر قسريّ، ولا يوجد، وأضعف من هذا قولهم إنه كان عليه السلام تحتها يتلقى الولد، وهذا مما لا يليق بجنابه وأمانته على وحي ربه، وعفتها وطهارتها، ومما يتأدب عنه وعن القول به كل تقي، هذا، واختلف في سنّها عند الحمل وفي مدة الحمل وزمنه أيضا على أقوال، فقيل إن سنها كان يتراوح بين العشر سنين وخمس عشرة ومدة حملها ما بين ساعة وتسعة أشهر، والمشهور أنها ثمانية، لهذا قالوا لم يعش مولود على رأس الثمانية أشهر غير عيسى عليه السلام، وذلك أن جملة المنجمين يزعمون أن النطفة تقبل البرودة في الشهر الأول من زحل فتجمد، وتقبل القوة النامية في الثاني من المشتري فتأخذ في النمو، وتقبل في الثالث القوة الغضبية من المريخ، وفي الرابع قوة الحياة من الشمس، وفي الخامس قوة الشهوة من الزهرة، وفي السادس قوة النطق من عطارد، وفي السابع قوة الحركة من القمر، فتتم خلقة الجنين، فإن ولد في الثامن لم يعش لقبوله قوة الموت من زحل، فإن ولد في التاسع عاش، لأنه قبل قوة الحياة من المشتري، وذلك من الخرافات لأن هذه المكونات لا تأثير لها إلا