للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم «وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً» أنبياء وملوكا يصلحون ما فسد من أمرهم ويرفعون الظلم عنهم ويساون بين الناس «وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ» ٥ لملك فرعون «وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ» نوطنها لهم ونثبت أقدامهم بها ونجعلها مسكنا لهم، ليكونوا قادة في الخير وحكاما بالعدل، يرفعون الجور ويطهرون الأرجاس التي كان يفعلها فيهم «وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ» وزيره وعونه على مظالمه «وَجُنُودَهُما» الذين هم سبب قوتهما وبطشهما ومتانة شكيمتهما «مِنْهُمْ» من بني إسرائيل، والجار متعلق بنري المتقدم لا بيحذرون، لأن الصلة لا نتقدم على الموصول «ما كانُوا يَحْذَرُونَ» ٦ من خراب ملكهم، أي نري فرعون ووزيره وجنوده الذين كانوا يقتلون أولادهم لمحافظة دولتهم، ونحفظ هذا الولد الذي سيكون سببا في ذلك من كيده وتربيته في بيته وعلى يده، ليعلموا أن حذرهم لا يغني شيئا من الله، وأن لا راد لما أراده، وسنحقق ما توهموه في قول الكاهن «وَ» بعد أن ولد نبيهم «أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى» يوحاته من نسل لاوي بن يعقوب بعد أن ولدته وحارت في أمرها ماذا تفعل به، لأن شرطة فرعون يتحرون الدور ويتفقدون الحبالى ليذبحوا الذكور من أولادهم، واشتد خوفها عليه منهم، فألهمناها وأشرنا إليها «أَنْ أَرْضِعِيهِ» أي قذفنا في قلبها ما معناه ذلك وقلنا لها «فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ» من اطلاع الشرطة ولم تقدري على دفع ما يحوك في صدرك من الخوف عليه، فضعيه في صندوق «فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ» وكان هذا الوحي بطريق الإلهام أو الرؤيا أو بواسطة الملك كما كان يتمثل لمريم عليها السلام، وعلى كل فلا يسمى وحي رسالة لأن المرأة لا تكون مرسلة من الله، والمراد باليم نيل مصر وكل نهر كبير يسمى يما أي بحرا «وَ» قلنا لها أيضا لتطمئن عليه «لا تَخافِي» عليه من الغرق، لأنا حافظوه «وَلا تَحْزَنِي» على فراقه بعد أن تلقيه وتحققي «إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ» قريبا لتربيه بطلب من فرعون عدوه، وبصورة لطيفة وحالة بديعة «وَجاعِلُوهُ» بعد كبره «مِنَ الْمُرْسَلِينَ» ٧ إلى

فرعون وقومه، فامتثلت ما قذف في روعها من ذلك الإلهام الإلهي، وبعد أن أرضعته خفية مدة وتحقق خوفها عليه من كثرة التحري من أعوان فرعون رجالا ونساء بلا فتور، جاءت

<<  <  ج: ص:  >  >>