ثلاث ليال، وكان وجوده قوة عظيمة لمحمد صلّى الله عليه وسلم، وكان يأمل أيمانه، ولما مات تأثر عليه جدا لجهتين لحبه له وعدم إيمانه به، وذلك أنه قال له عند الموت:
يا عمّ قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة، قال لولا أن تعيرني قريش فيقولون إنما حمله على ذلك الجزع لا الرغبة في دينك الحق ومسلكك المستقيم لأقررت بها عينك. ثم أنشد:
ولقد علمت بأن دين محمد ... من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبّة ... لوجدتني سمحا بذاك قمينا
ولكن على ملة الأشياخ عبد المطلب وعبد مناف. ثم مات، فأنزل الله هذه الآية، وذلك في نصف شوال السنة العاشرة من البعثة قبل الهجرة بثلاث سنين وأربعة أشهر. والعبرة بمبدأ السنة هنا رمضان الذي وقعت فيه البعثة سنة ٤١ من ميلاده الشريف. وقيل إنه قال يا معشر بني هاشم صدقوا محمدا تفلحوا. فقال عليه السلام يا عمّ تأمرهم بالنصيحة لأنفسهم وتدعها لنفسك؟ قال فما تريد يا ابن أخي؟ قال أريد منك أن تقول لا إله الا الله أشهد لك بها عند الله، قال يا ابن أخي قد علمت أنك صادق ولكن أكره أن يقال جزع عند الموت، لأن قومك سيئو الظن لا يؤولون إسلامي على منهج حسن. هذا وقد وردت أخبار وأحاديث بإسلامه عند الموت عن ابن عباس وغيره، وأخبار أخرى بأن الله تعالى أحيا لحضرة الرسول أبويه وعمه أبا طالب وآمنوا به، وان أقوال أبي طالب هذه تدل صراحة على تصديقه لحضرة الرسول وإيمانه به، أما أبواه فهما من أهل الفترة لأن أباه توفي قبل ولادته بشهرين، وأمه بعدها بست سنين، فلم يحضرا البعثة وكل من لم يحضرها فهو من أهل الفترة، وأهل الفترة كلهم ناجون راجع الآية ٤٦ المارة وما ترشدك إليه من الآيات، ولبحثها صلة واسعة في الآية ١٥ من الإسراء الآتية، ولهذا فالاحسن أن يميل العاقل إلى إسلامه وإسلام أبوي النبي صلّى الله عليه وسلم، لأن القول بخلافه يؤذي أهل البيت، وربما يؤذى حضرة الرسول في قبره الشريف، وما على الله بعزيز أن يحييهم حتى يؤمنوا به وصدق من قال: ولاجل عين ألف عين تكرم. وقدمنا ما يتعلق في هذا آخر الشعراء المارة في الآية ٢١٤