للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعاء بالشّر ولو كان حال غضبه لئلا بصادف ساعة الإجابة فيندم ولات حين ندم، وعدا عن هذا فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام انه قال: اشترطت على ربي فقلت إنما أنا بشر أرض كما يرضى البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة. ولأن غضبة صلّى الله عليه وسلم ليس بخارج عن حكم الشرع لأنه لا يغضب إلا لله كما أن رضاء. لا يكون إلا لله، وهو مأمور بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر «فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ» العظيمة الدالة على قدرتنا والناشئ عنها مصالح العباد التي لا تتم إلا بها، لأن القرآن كما أوصل الى الخلق نعم الدين فيوصل في هذا الكوكب إليهم ما يكمل به نعم الدنيا.

مطلب الشمس والقمر والفصول الأربعة والليل والنهار وساعاتهما:

والمراد بالمحو هو عدم جعل قوة القمر بالإضائة مثل الشمس «وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ» التي هي الشمس «مُبْصِرَةً» مضيئة جدا يبصر فيها كل شيء، ولولا ذلك لما علم الليل من النهار ولا عرف الحساب ولتعطلت الأمور، فالنهار آية عظيمة دالة على قدرة الله مكملة نعم الدنيا، وقد أودع الله تعالى فيها ما أودع من منافع، راجع الآية ٣٧ من سورة يس المارة، وما ترشدك إليه من الآيات قال ابن عباس جعل الله تعالى نور الشمس سبعين جزءا ونور القمر كذلك، فمحا من نور القمر تسعة وستين فجعلها مع نور الشمس، وقال بعض المفسرين إن الإضافة بيانية فيكون المعنى فمحونا الآية التي هي الليل فجعلناها مطموسة مظلمة لا يبصر بها، وجعلنا الآية التي هي النهار مبصرة تبصر فيها الأشياء إلا أن ظاهر الآية يؤيد الأول الذي جرينا عليه، لأنه الحقيقة ولا يعدل عنها بلا ضرورة هنا، لا سيما وقد ورد الأثر به، فقد أخرج عبد ابن حميد وغيره عن عكرمة ما قاله ابن عباس بزيادة فالشمس على مائة وتسعة وثلاثين جزأ والقمر على جزء واحد، وهذه النسبة بالنظر لقوة الضياء ما بين الشمس والقمر، وإلا فالشمس من حيث الحجم أكثر بكثير من القمر كالبعد منه بالنسبة للأرض، ولا يعلم كنهها على ما هي عليه حقا إلا الله، لأن تقدير الفلكيين عبارة عن ظن وتخمين ليس إلا مهما بالغوا وقالوا، وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي أنه قال كانت شمس بالليل وشمس بالنهار

<<  <  ج: ص:  >  >>