الدنيا وفي الآخرة بالعذاب الأليم في جهنم، أي أن الله تعالت رأفته يقول ما صحّ عنا وما وقع منا بل استحال على سنتنا المبيّنة على الحكم البالغة أن نعذّب أحدا من خلقنا بعذاب دنيوي أو أخروي على فعل شيء وتركه أصليا كان أو فرعيا قبل أن نرسل إليه من يحذره وينذره ويبشره، وعلى هذا لا يستقيم القول بتعذيب أولاد المشركين كأهل الفترة، يؤيد هذا ما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه رأى إبراهيم عليه السلام في الجنّة وحوله أولاد الناس، قالوا يا رسول الله وأولاد المشركين؟
قال وأولاد المشركين- رواه البخاري في صحيحه- والحديث الذي أخرجه الترمذي في النوادر رواه ابن عبد البر عن أنس قال سألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال هم خدم أهل الجنة والآية هذه صرحت بأن لا تعذيب قبل التكليف، والذي هو دون البلوغ لا يتوجّه عليه التكليف. واعلم أنه لم يخالف أحد يكون أولاد المسلمين في الجنّة إلا من لا يعتدّ بقوله لقوله صلّى الله عليه وسلم ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله تعالى في الجنة بفضله ورحمته إياهم.
أما من احتج بحديث عائشة رضي الله عنها الذي قالت فيه لما توفي صبي من الأنصار:
طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه، فقال لها صلّى الله عليه وسلم:
أو غير ذلك يا عائشة، إن الله تعالى خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم. فإن هذا القول المتضمن معنى النهي لها رضي الله عنها هو نهي عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون لها دليل قاطع، وهذا مثل إنكاره على سعد بن أبي وقاص في قوله لحضرة الرسول بحقّ رجل حضر تقسيم الصدقة للفقراء من قبله صلّى الله عليه وسلم أعطه إني لأراه مؤمنا قال صلّى الله عليه وسلم أو مسلما، الحديث، ولا يبعد أنه صلّى الله عليه وسلم قال هذا الحديث قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة فلما علم قال ما ذكر من الأحاديث التي أثبتناها أعلاه، وقدمنا في الآية ٤٦ من القصص بان لا وجه لقول من فسر الرسول في هذه الآية بالعقل، لأن حقيقة الرسول هو النبي المرسل والأصل في الكلام الحقيقة، وما قيل إن المراد نفى المباشرة قبل البعثة لا مطلق التعذيب، مردود، لأن من شأن عظيم القدر للتعبير عن نفى التعذيب مطلقا، ولا يوجد ما يقيدها لا بنوع