مظنون فيه، ومنها التوجه إلى القبلة في الصلاة مبني على الظن وعلى اجتهادات وامارات لا تفيد إلا الظن، ومنها أكل الذبيحة بناء على أنها ذبيحة مسلم والذابح لها مظنون، ومنها الشهادة فإنها ظنية أي الشهادة الفعلية وهي القتل في الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى لأنها مبنية على النيّة وهي مظنونة، لا الشهادة القولية على الديون وغيرها فإنها لا تكون على الظن إلا في مواضع فإنها تجوز على السماع كالوقف والموت وغيرهما كما هو مدون في كتب الفقه، ومنها قيم المتلفات وأرش الجنايات فمبناهما على الظن. ومن نظر ولو بمؤخر عينه رأى أن جميع الأعمال المعتبرة في الدنيا من الأسفار وطلب الأرباح والمعاملات إلى الآجال المخصوصة والاعتماد على صداقة الأصدقاء وعداوة الأعداء والآمال في حاصلات الزروع وغيرها، كلها مظنونة ولهذا قال صلّى الله عليه وسلم: نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر. فالنهي عن اتباع ما ليس يعلم قطعي مخصوص بالعقائد، وبأن الظن قد يسمى علما، قال تعالى (إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) الآية ١١ من سورة الممتحنة في ج ٣، وهذا العلم بإيمانهن إنما هو على إقرارهن وهو لا يفيد إلا الظن إذ لا تعلم سرائرهن في ذلك وبأن الدليل القاطع لما دل على وجوب العمل بالقياس كان ذلك الدليل دليلا، على أنه متى حصل ظن على أن حكم الله تعالى في هذه الصورة يساوي حكمه في محل النص، فأنتم مكلفون بالعمل على وفق ذلك الظن واقع في طريق الحكم، وأما ذلك الحكم فهو معلوم متيقن. واعلم رحمك الله أنه لا شك أن القياس من الحجج المعمول بها شرعا بعد كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة، وهو لغة التقدير واصطلاحا تقدير الفرع المراد إلحاقه بالأصل في الحكم والعلة نقلا وعقلا لقوله تعالى (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) الآية ١١ من سورة الحشر، وقوله تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) الآية ١٣ من آل عمران في ج ٣ والاعتبار رد الشيء إلى نظيره. ولحديث معاذ رضي الله عنه حينما قال له صلّى الله عليه وسلم بم تقضي؟ قال بكتاب الله، قال فإن لم تجد؟ قال بسنة رسول الله، قال فإن لم تجد؟ قال أجتهد برأيي، فقال صلّى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضي به رسوله. هذا نقلا، وأما عقلا فلأن الاعتبار وهو التأمل واجب عند عدم النص فيما أصاب من قبلنا