القَلْب بقوَّة الخُبْثِ الذي فيه، فيكون المداوي به قد سعى في إزالة سَقَم البدن بسَقَم القَلْب.
الثاني: أنَّ تحريمه يقتضي تجنُّبه والبُعْدَ عنه بكلِّ طريق، وفي اتِّخاذه دواءً حضٌّ على الترغيب فيه وملابسته، وهذا ضدُّ مقصود الشارع.
الثالث: أنَّه داءٌ كما نصَّ عليه الشارع؛ فلا يجوز أن يُتَّخذَ دواءً.
الرابع: أنَّه يُكْسِبُ الطبيعة والروح صفة الخُبْث؛ لأنَّ الطبيعة تنفعل عن كيفية الدَّواء انفعالاً بيِّناً، فإذا كانت كيفيَّته خبيثة أَكْسَبَ الطبيعةَ منه خُبْثاً؛ فكيف إذا كان خبيثاً في ذاته؟ ولهذا حَرَّم الله سبحانه على عباده الأغذية والأشربة والملابس الخبيثة؛ لما تَكْتسِبُ النَّفْس من هيئة الخُبْث وصِفَته.
الخامس: أنَّ إباحة التَّداوي به -ولا سيَّما إذا كانت النفوس تميل إليه- ذريعةٌ إلى تناوله للشهوة واللَّذة، لا سيَّما إذا عَرَفَت النفوس أنَّه نافع لها، مزيلٌ لأَسْقامها، جالِبٌ لشِفائها، فهذا أحبُّ شيءٍ إليها، والشارع سَدَّ الذريعة إلى تناوله بكُلِّ ممكنٍ، ولا ريب أنَّ بين سدِّ الذريعة إلى تناولِه وفتح الذريعة إلى تناوله تناقضاً.
السادس: أنَّ في هذا الدَّواء المُحرَّم من الأدواء ما يزيد على ما يُظنُّ فيه الشفاء.
وأمَّا قولك: إنَّه ثبت بالتجربة أنَّه دواءٌ ناجحٌ لهذا المرض. فهذا غير صحيح؛ لأنَّه لا تلازم بين تعاطي الدَّواء المُحرَّم وبين زوال المرض بعد التعاطي؛ لأنَّ زواله قد يكون بدواءٍ شرعيٍّ وطبيعيٍّ وعاديٍّ، ولكن صادف زوالُه تعاطي هذا الدَّواء الذي هو في الحقيقة داءٌ فنُسِبَ إليه. وقد يكون زوالُه لا من أجل كونه دواءً، ولكن من باب الابتلاء والامتحان.
وأمَّا قولك: إنَّ الأطبَّاء عاجزون في الغالب عن علاج هذا الدَّاء، فهذا لا يصحُّ الاستناد عليه لإباحة التَّداوي