للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخَمْر: اتَّفق العُلماء على أنَّه لا يجوز شُرْبُها إلَّا للضرورة القُصْوى؛ كإنقاذ حياته من الموت لشِدَّة العَطَش، أو من لُقْمَةٍ غُصَّ بها في حَلْقِه، ولا يجد شيئاً حلالًا أو أخفَّ حُرْمةً يَرْوِيه أو يمنع الغُصَّة؛ وذلك قياساً على ما نُصَّ عليه من تحريم المَيْتَة والدَّم ولحم الخنزير وغيرها، ثمَّ قال تعالى في الآية نفسها: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣]، وهي الأصل الذي أخذت منه القاعدة المعروفة: (الضَّرورات تُبِيحُ المَحْظورات).

أمَّا استعمال الخَمْر في غير ذلك؛ فالجمهور على مَنْعِه، حتَّى لو تَعيَّنت الخَمْر ولا يوجد غيرها من الحلال؛ بناءً على ظاهر الأحاديث التي نَصَّت على حُرْمَتِها مُطْلَقاً، ولا يقاس التَّداوي بها على شُرْبها للعَطَش أو الغُصَّة؛ لأنَّ فائدتها فيهما محقَّقة، أمَّا في غيرهما فمظنونةٌ غير مقطوع بها، وأجاز بعضُهم التَّداوي بها عند الضَّرورة؛ قياساً على أَكْل المَيْتَة والدَّم ولحم الخنزير، بشرط أن يخبر بذلك طبيبٌ مسلمٌ عَدْلٌ، وألَّا يُوجَدَ دواءٌ حلالٌ أو شيءٌ أخفُّ حُرْمَةً يقوم مقام الخَمْر.

سُئِلَ ابن تيمية عن التَّداوي بالخَمْر فقال ما نصُّه: «وأمَّا التَّداوي بالخَمْر فإنَّه حَرامٌ عند جماهير الأئمَّة؛ كمالك وأحمد وأبي حنيفة، وهو أحد الوجهين في مذهب الشافعي». انتهى.

ولو خُلِطَت الخَمْر بالماء أو أُضِيفَ المُخدِّرُ إلى مادَّة أخرى، فالتَّناول والتَّداوي حَرامٌ.

أمَّا العقوبة بالحَدِّ فتكون إذا غَلَبَ المُخَدِّرُ أو تَساوَى مع ما أُضِيفَ إليه، فإن كان أقلَّ فلا يُعاقَبُ بالحَدِّ إلَّا عند السُّكْر (مجلة الأزهر- المجلد الثالث ص ٤٩٠ - ٤٩١).

أمَّا التَّداوي بالنَّجِس غير الخَمْر، وتناول النَّجِس حَرامٌ؛ فقد قال العُلماء: إنَّه لا يجوز إلَّا عند الضرورة، أمَّا عند

<<  <  ج: ص:  >  >>