للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا الخنزير فقد أجمعت الأُمَّة على تحريم جميع أجزائه. ا. هـ. والله تعالى إنَّما حرَّم الخبائث لحِكَمٍ عظيمة يعلمها هو، وإنْ خَفِيَتْ على غيرِه، ولو اتَّضح لبعض الخَلْق بعضُ الأسرار، والحِكَم من تحريم الله لبعض الأشياء، فإنَّ ما يَخْفَى عليهم أكثر.

والحكمة في تحريم الخنزير -والله أعلم-: ما يتَّصفُ به من القذارة التي تصاحبها الأضرار والأمراض الماديَّة والمعنويَّة؛ ولذلك أشهى غذائه القاذورات والنجاسات، وهو ضارٌّ في جميع الأقاليم، ولا سيما الحارَّة -كما ثبت بالتجربة-، وأَكْل لحمه من أسباب وجود الدُّودَة الوحيدة القاتلة، ويقال: إنِّ له تأثيراً سيِّئاً في العِفَّة والغَيْرَة، ويشهد لهذه حال أهل البلاد الذين يأكلونه.

وقد وصل الطبُّ الحديث إلى كثير من الحقائق التي تثبت إصابة كثير من متناولي لحم الخنزير بأمراض يتعذر علاجها، ومع أنَّ الطبَّ الحديث المتطوِّر توصَّل إلى تشخيص أضرار أكل لحم الخنزير، فقد يكون ما خفي فيه من الأضرار ولم يصل إليه الطبُّ أضعاف أضعافها.

ثالثاً: إنَّ للأكل من الحلال والطيِّب من المطاعم أثراً عظيماً في صفاء القلب، واستجابة الدعاء وقبول العبادة، كما أنَّ الأكل من الحرام يمنع قبولها؛ قال تعالى عن اليهود: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٤١) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: ٤١ - ٤٢] أي: الحرام، ومن كانت هذه صفته كيف يطهِّر الله قلبه؟ وأنَّى يستجيب له؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّباً، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ تَعَاَلَى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: ٥١]، وَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>