نصَّ عليه العلَّامة المحدِّث ظفر أحمد العثماني التهانوي الحنفي (ت ١٣٩٤ هـ) في كتابه الحافل (إعلاء السُّنن ١٧/ ١٨٨)؛ حيث قال: « ... وفي (الدر المختار - مع الشاميَّة): ولا يَحِلُّ حيوانٌ مائي إلَّا السَّمَك غير الطافي، وإلَّا الجِرِّيث: سمكٌ أسود، والمارماهي: سمكٌ في صورة الحيَّة، أفرَدَهما بالذكر؛ للخفاء، أي: لخفاء كونهما من جنس السَّمَك، وخلاف محمَّد، قال في (الدُّرر): وهو ضعيف (٥/ ٣٠٠)، وفيه ما يُشعِرُ بكون الجِرِّيث غير المارماهي، وفي (حياة الحيوان): الجِرِّيث: هو هذا السَّمَك الذي يشبه الثعبان، ويقال له أيضاً: الجري، وهو نوعٌ من السَّمَك يشبه الحيَّة، ويُسمَّى بالفارسيَّة: مارماهي، وحكمه الحِلُّ. قال البغوي: إن الجِرِّيث حلالٌ بالاتِّفاق، والمراد: هذه الثعابين التي لا تعيش إلَّا في الماء، وأمَّا الحيَّات التي تعيش في البَرِّ والبحر، فتلك من ذوات السموم، وأَكْلُها حَرام». اهـ (١/ ١٧٧).
وبالجملة؛ فكُلُّ ما كان من جنس السَّمَك لغةً وعُرْفاً فهو حلالٌ بلا خلاف؛ كالسَّقَنْقور والرُّبْيان ونحوهما، والله تعالى أعلم بالصواب» اهـ.
وأمَّا الإفتاء بأولويَّة تركه اجتناباً لشُبْهَةِ الخلاف فيه: فهو إنَّما يتفرَّع على ثبوت الخلاف، وقد ذكرنا أنَّ نقل الخلاف فيه غيرُ معتمد، كما أنَّ المفتَى به عند السادة الحنفيَّة منذ قرون متطاولة: أنَّه لا يُفْتَى بالأورع أو الأحوط؛ لأنَّ الزمانَ لم يَعُدْ زمانَ اجتناب الشبهات، قال العلَّامة برهان الدِّين محمود بن مازه الحنفي (ت ٦١٦ هـ) في (المحيط (٥/ ٤٩٩، ط. دار الكتب العلميَّة): «رُوِيَ عن علي بن إبراهيم أنَّه سُئِل عن هذه الشبهات، فقال: ليس هذا زمانَ الشبهات؛ اتِّق الحرام عياناً؛ بمعنى: إن اجتنبت عن غير الحرام كفاك» اهـ. والمحكيُّ عنه هو العلَّامة الفقيه المفتي