وفي موضع آخر منه: يَحِلُّ عندنا -كجَمْعٍ من الصحابة والتابعين، ومالك، وأحمد رضي الله تبارك وتعالى عنهم- كُلُّ مَيْتات البحر غير الضُّفْدع اهـ.
فعلى ما في (المجموع) في هذين الموضعين يَحِلُّ كُلُّ أنواع الصَّدَف؛ سواء صغيرُه وكبيرُه، وسواء السَّرَطان والدُّنَيْلَس وغيره؛ كالتِّرْسَة والسُّلْحَفاة، إلَّا ما ثبتَ أنَّ فيه سُمِّيةً.
وعلى ما في (الروضة) وأصلِها -وهو المنقولُ المعتمدُ-: يحرُمُ السَّرَطانُ وسائرُ أنواع الصَّدَف ممَّا يعيشُ في البرِّ أيضاً، واختلفوا في الدُّنَيْلَس؛ وهو صَدَفٌ صغيرٌ صورتُه صورةُ اللَّوْزِ، في باطِنِه لحمٌ فيه نقطةٌ سوداء؛ فأفتَى الشمس ابن عَدْلان وعُلماءُ عصره وغيرُهم بحِلِّه؛ قالوا: لأنَّه من طعام البحر، ولا يعيش إلَّا فيه. وأفتى ابنُ عبدِ السَّلامِ بتحريمِه، وقال: هذا ممَّا لا يَرْتابُ فيه سَليمُ العَقْلِ. واختلفَ المتأخِّرون أيضاً؛ فمِمَّن رجَّح ما قاله ابنُ عبد السَّلام: البَدْرُ الزَّرْكَشِيُّ، ووَجَّهَهُ بأنَّه أصْلُ السَّرَطانِ؛ لتولُّدِه منه؛ كما ذَكَرَه أهلُ المعرِفَةِ بالحيوان، وصرَّحوا بأنَّه من أنواع الصَّدَف كالسُّلْحفاة اهـ.
وممَّن رجَّح ما قاله ابنُ عَدْلان وأهلُ عصره: الكَمالُ الدَّمِيريُّ؛ فقال مُتَعرِّضاً لردِّ كلام الزَّرْكَشيِّ: لم يأتِ على تحريمِه دليلٌ، وما نُقِلَ عن ابنِ عبد السَّلام من الإفتاء بتحريم أَكْلِه لم يصحَّ، وقد أفتَى بعضُ فقهاء عصرنا بتحريم أكْلِه، وهذه عبارةُ من فَقَدَ نصَّ الشافعيِّ رضي الله تبارك وتعالى عنه على أنَّ حيوان البحر الذي لا يعيش إلَّا فيه يؤكل؛ لعموم الآية، ولقوله:(هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الحِلُّ مَيْتَتُهُ) اهـ. وفيه نظر، وهذا لا يرُدُّ ما قاله الزركشيُّ [وابنُ] عبدِ السَّلام؛ لأنَّ الآية والحديثَ مخصوصان بقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ