فإنَّه يدلُّ أنَّه لا يُنْتَفَعُ منها بشيءٍ. وقد دفع ما قيل فيه من الاضطراب أو الانقطاع؟ وعلى فَرْضٍ فمعناه صحيحٌ نَطَقَ به القرآن الكريم؛ قال الله تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا}[الأنعام: ١٤٥].
والظاهرُ مِنْ معنَى الرِّجْسِيَّةِ تحريمُ الانتفاعِ، لا الأكلُ فقط؛ لما وقع في البخاريِّ وغيِره من حديث جابرٍ أنَّه لمَّا قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسَلَّمَ:(إِنَّ اللهَ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ والمَيْتَةِ والخِنْزيرِ وَالأَصْنَامِ)، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله؛ أَرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ؛ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الجُلُودُ، وَيُسْتَصْبَحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ:(لَا، هُوَ حَرَامٌ)، ثُمَّ قَالَ:(قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ؛ إِنَّ اللهَ لمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ).
ولحديث أبي هريرة سُئِلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم عَنْ سَمْنٍ وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ؟ فَقَالَ:(أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَها وَكُلُوا سَمْنَكُمْ)، وهو في البخاريِّ وغيرِه.
ولحديث مَيْمُونةَ:(إِذَا وَقَعَتِ الفَأْرَةُ في السَّمْنِ، فَإِنْ كَانَ جَامِداً فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَها، وَإِنْ كَانَ مَائِعاً فَلَا تَقْرَبُوهُ) أخرجه أبو داود والنسائي؛ فإنَّها صريحةٌ في حُرْمَةِ الانتفاع، وعلى ذِكْرِ الآية الكريمة؛ فإنَّه يُشْكِلُ فائدةُ التَّنْصيص عَلَى لحم الخِنْزير؛ فإنَّه لم يظهر له فائدة، ولم أرَ من نَبَّهَ عليه بعد البحث. فالإفادة من حسناتكم مطلوبة. انتهى السؤال.
الجواب: أقول: الكلامُ على حديث عبد الله بن عُكَيْمٍ إِعْلالًا، واضطراباً، وتحسيناً، وتصحيحاً قد اسْتَوْفَيتُه في شَرْحِي على (المنتقى)، وهو من كتب السائل-كثَّر الله فوائده- فلا نُطَوِّلُ البحثَ بالكلام عليه، فإنَّ سؤال السائل إنَّما يتعلَّق بكيفيَّة الجَمْع بين الحديثين، ثمَّ ذِكْرِ ما رَجَّحَ به أحد طرفي البحث في