للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُحرَّمةُ الذات، والدليل على تحريم عَيْنِها وذَاتِها التي [هي] عَيْنُها: الكتابُ، والسُّنَّة، وإجماع الأُمَّة.

فأمَّا الكتاب: فقوله عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: ٩٠].

فأَمَرَ عزَّ وجلَّ باجتناب الخَمْر، وأَمْرُه بذلك على الوجوب والفَرْض عند جميع المسلمين، وأخبر أنَّها من عمل الشيطان، وعَمَلُ الشيطان حرامٌ.

وقال عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩١]؛ فتوعَّد عزَّ وجلَّ على ذلك بقوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}، ولا خلاف فيما توعَّد الله على فِعْلِه أنَّه حرامٌ.

وأمَّا السُّنَّة: فإنَّ الآثار الواردة عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بتحريمها قد نُقِلَتْ نَقْلَ التَّواتُر، فلا يُحصَى.

من ذلك: حديث ابن عبَّاس: أنَّ رجلاً أهدَى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- راوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَهَا؟) قَالَ: لَا، فَسَارَّهُ إِنْسَانٌ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (وَبِمَ سَارَرْتَهُ؟) قَالَ: أَمَرْتُهُ أَنْ يَبِيعَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا).

وأمَّا الإجماع: فمعلومٌ من دِينِ الأُمَّة ضرورةً: أنَّ الخَمْر حرامٌ، وإطلاقُ التَّحريم في الكتاب والسُّنَّة والإجماع على الخَمْر نصٌّ في أنَّ عينَها هو المُحرَّم؛ لأنَّ الاسم هو المُسمَّى عند أهل السُّنَّة.

ومن ذهب إلى أنَّ الاسم غير المُسمَّى فقد وافَقَنا على أنَّ التحريم إنَّما وقع على المُسمَّى بالخَمْر، لا على اسم الخَمْر؛ فحصل الإجماع على تحريم عين الخَمْر. ومن المستحيل في العَقْل أن يكون تحريم شُرْب الخَمْر واقعاً على ما عدا عينها، وقد نصَّ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على تحريم

<<  <  ج: ص:  >  >>