للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قليل ما أسْكَر كثيرُهُ من غير خَمْر العِنَبِ؛ كالصِّرْماء (١)، والقُمْز (٢)، والمِزْر (٣)؟ أو لا يَحرُمُ إلَّا القَدَحُ الأخيرُ؟

الجواب: الحمد لله. قد ثبت في الصَّحيحين عن أبي موسى قال: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَفْتِنَا في شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِاليَمَنِ؛ البِتْعُ: وَهُوَ العَسَلُ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ، وَالمِزْرُ: وَهُوَ مِنَ الذُّرَةِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ الكَلِمِ؛ فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ).

وعن عائشة قالت: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ البِتْعِ؛ وَهُوَ نَبِيذُ العَسَلِ، وَكانَ أَهْلُ اليَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فَقَالَ: كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ).

وفي صحيح مسلمٍ عن جابرٍ (أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَمَنِ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ: المِزْرُ، فقال: أَمُسْكِرٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَهْداً لِمَنْ يَشْرَبُ المُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبَالِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَمَا طِينَةُ الخَبَالِ؟ قَالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ).

ففي هذه الأحاديث الصَّحيحة أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- سُئِل عن أشربةٍ من غير العِنَبِ؛ كالمِزْر وغيره، فأجابَهُم بكلمةٍ جامعةٍ، وقاعدةٍ عامَّةٍ: (إنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)، وهذا يُبيِّنُ أنَّه أراد كُلَّ شَرابٍ كان جِنْسُهُ مُسْكِراً حَرامٌ؛ سواءٌ سَكِرَ منه أو لم يَسْكَرْ؛ كما في خَمْر العِنَب. ولو أراد بالمُسْكِر القَدَحَ الأخير فقط لم يَكُن الشَّرابُ كُلُّهُ حَراماً، ولكان بيَّن لهم؛ فيقول: اشربوا منه ولا تَسْكَروا، ولأنَّه سألهم عن المِزْر: (أَمُسْكِرٌ هُوَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)، فلمَّا سألهم: (أَمُسْكِرٌ هُوَ؟) إِنَّما


(١) الصِّرْماء: من الصِّرْمة -بالكسر-، وهي القطعة من النخل. انظر: المعجم الوسيط (١/ ٥١٤).
(٢) القُمْزَة: الكُتْلَة من التَّمْر. انظر: لسان العرب (٥/ ٣٩٧).
(٣) المِزْرُ: نبيذ يُتَّخذ من الذرة، وقيل: من الشعير أو الحنطة. النهاية في غريب الحديث (٤/ ٦٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>