للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تُرْمَى أو تُضْرَبُ بالخشب أو بالحديد أو بالحَجَر حتَّى تموت- محرَّمة بنصِّ القرآن الكريم في آية: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣]؛ حيث جاءت المَوْقوذَة من المُحرَّمات فيها، والوَقْذُ شِدَّةُ الضرب؛ قال قتادة: كان أهل الجاهليَّة يفعلون ذلك ويأكلونه.

وقال الضحَّاك: كانوا يضربون الأنعام بالخشب لآلهتهم حتَّى يقتلوها فيأكلوها.

وفي (صحيح مسلم) عن عَديِّ بن حاتم قال: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَإِنِّي أَرْمِي بِالمِعْرَاضِ الصَّيْدَ فَأُصِيبُ؛ فقال: إِذَا رَمَيْتَ بِالمِعْرَاضِ فَخَزَقَه فَكُلْهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْهُ)، وفي رواية: (فَإِنَّهُ وَقِيذٌ). (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٦ ص ٤٨).

وإذ كان الفقهاء قد اتَّفقوا على أنَّه تَصِحُّ تذكيةُ الحيوان الحيِّ غير الميؤوس من بقائه، فإنْ كان الحيوان قد أصابه ما يُوئِسَ من بقائه؛ مثل أنْ يكون مَوْقُوذاً أو مُنْخَنِقاً، فقد اختلفوا في استباحته بالذَّكاة.

ففي فقه الإمام أبي حنيفة: وإنْ عُلِمَتْ حياتُها، وإنْ قَلَّتْ وَقتَ الذَّبْح، أُكِلَتْ مُطلقاً بكلِّ حال.

وفي إحدى روايتين عن الإمام مالك، وأظهر الروايتين عن الإمام أحمد: متى عُلِمَ بمُستمِرِّ العادة أنه لا يعيش، حَرُمَ أَكْلُه ولا تصحُّ تذكيته. وفي الرواية الأخرى عن الإمام مالك: أنَّ الذَّكاة تُبيحُ منه ما وُجِدَ فيه حياةٌ مُستقرِّةٌ، وينافي الحياة عنده أنْ يندقَّ عُنُقُه أو دماغُه.

وفي فقه الإمام الشافعيِّ: أنه متى كانت فيه حياة مستقرِّة تصحُّ تذكيتُه، وبها يَحِلُّ أَكْلُه باتِّفاق فقهاء المذهب.

والذَّكاة في كلام العرب: الذَّبْح؛ فمعنى {ذَكَّيْتُمْ} في الآية الكريمة: أدركتم ذكاته على التَّمام، إذ يقال: ذَكَّيتُ الذَّبيحةَ أُذَكِّيها؛ مشتقَّة من التَّطَيُّب؛ فالحيوانُ إذا أُسيلَ دمُه فقد

<<  <  ج: ص:  >  >>