الذَّبيحة على وجه لا ينهر به الدَّم فإنَّه من المعلوم أنَّ ذبيحته هذه لا تُؤكَل؛ لأنَّها داخلةٌ في المُنْخَنِقة ونحوها التي حَرَّمها الله عزَّ وجلَّ في قوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ}[المائدة: ٣] إلخ، ولو أنَّه نسي أن يُذَكِّي بما يُنْهِر الدَّم فقتلها بشيءٍ لا ينهر به الدَّم فإنَّها لا تَحِلُّ، ولو كان هذا الرجل ناسياً، لكن هذا القاتل لا يأثم بنسيانه؛ لأنَّه معفوٌّ عنه، فكذلك إذا نَسِيَ أن يُسمِّي الله، أو جهل أن يسمِّي الله؛ لأنَّ الجميع في حديث واحدٍ ومخرجهما واحدٌ، فلا يَحِلُّ لأحدٍ أن يأكل ذبيحةً لم يُذْكَر اسمُ الله عليها، وإن تَرَك التَّسمية نسياناً، ولهذا لو أنَّ الإنسان صلَّى بغير وضوءٍ ناسياً لكانت صلاته هذه باطلةً، ووجب عليه إعادتها، مع أنَّه لا يؤاخذ بصلاته بغير وضوء؛ لأنَّه ناسٍ، لكن عدم مؤاخذته بصلاته بغير وضوء ناسياً لا يعني أنَّه لا تلزمه الإعادة.
وقد يقول قائل: إنَّ في تحريمها -أي تحريم الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها نسياناً- إضاعة للمال.
فنقول: ليس في ذلك إضاعة للمال، بل في ذلك حماية للإنسان أن يأكل من غير ما ذُكِرَ اسمُ الله عليه؛ لأنَّنا إذا قلنا لهذا الرَّجُل الذي نَسِيَ أن يُسمِّي: إنَّ ذبيحتك الآن حَرامٌ، فإنَّ ذلك يؤدِّي إلى أن يذكر التَّسمية في المستقبل ولا ينساها أبداً، بخلاف ما لو قلنا: إنَّ ذلك معفوٌّ عنه، وأنَّه يَحِلُّ أَكْلُ هذه الذَّبيحة، فإنَّه إذا عَلِمَ أنَّ الأمر سهلٌ ربَّما يتهاون بذِكْر التَّسمية، وقد بُسط هذا الكلام في غير هذا الموضع.
وأمَّا قول السائل: هل تكمل التَّسمية أم لا؟ فإنَّ ظاهر النصوص أنَّها لا تكمل، وأنَّه يكفي أن نقول:«بسم الله» فقط.
[فتاوى نور على الدرب - ابن عثيمين (١١/ ٤١٠ - ٤١٢)]