الجواب: من المعروف شرعاً أنَّه لا يَحِلُّ أَكْل لحم الحيوان مأكول اللحم -كالإبل، والبقر، والغنم، والأرانب، وداجن الطيور؛ كالدَّجاج، والبَطِّ، والأوزِّ، وغير ذلك- إلَّا إذا تمَّت تذكيته الشرعيَّة، والذَّكاة الشرعيَّة هي السبب الموصل لحِلِّ أَكْل الحيوان البرِّيِّ -مأكول اللحم- المقدور عليه، وتحصل تذكيته بالذَّبْح أو النَّحْر، وأمَّا غير المقدور عليه فتذكيته بعَقْره عن طريق الجرح أو الصيد، أو إغراء الحيوان أو الطير المُعَلَّمَيْن به، وكُلُّ ذلك لا بُدَّ أن يكون ممَّن يَحِلُّ منه ذلك، وهو المسلم أو الكتابي.
فأمَّا الذَّبْح فهو قَطْع الحَلْق -أعلى العُنُق- من الحيوان، ويحصل ذلك بقَطْع الحُلْقوم -وهو مجرى النَّفَس-، والمَريء -وهو مجرى الطعام-، والعِرْقَين اللَّذَين يُحيطان بهما -ويُسمَّيان [الوَدَجَان]، فإنَّه بقَطْع الأربعة يحصل الذَّبْح الشرعيُّ. وإذا استوعب الذَّابِح بالقَطْع الحُلْقوم والمَريء فقط صحَّ الذَّبْح على الراجح؛ لأنَّ الحياة لا تبقى بعد قَطْعِهما عادةً.
وأمَّا النَّحْر فهو قَطْع لَبَّة الحيوان -وهي الثُّغرة بين التَّرقُوَتَين أسفل العُنُق-، بأن يحصل قَطْعُ الأربعة السابقة، أو الحُلْقوم والمَريء منها من جهة اللَّبَّة كالذَّبْح، وذهب المالكيَّة إلى أنَّ النَّحْر يكون بالطَّعْن في اللَّبَّة طَعناً مُفضِياً للموت دون اشتراط قَطْع شيءٍ من المجاري الأربعة على المشهور من مذهبهم، والأفضل أن يختص النَّحْر بالإبل وكُلِّ ما طال عُنُقُه من الحيوانات مأكولة اللحم، بينما يختصُّ الذَّبْح بما قصر عُنُقُه منها، كالبقر والغنم وما شابه، وكلاهما -الذَّبْح والنَّحْر- تذكيةٌ مسنونةٌ، فيقوم أحدهما مقام الآخر؛ ودليل ذلك قوله صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلم:(أَلَا إِنَّ الذَّكاة فِي الحَلْقِ وَاللَّبَّة) رواه الدارقطني في سننه (٤/ ٢٨٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وذكره البخاري تعليقاً في