للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أهل الكتاب؟ مع العِلْم بأنَّ الذَّبْح عندهم غير شرعيٍّ.

الجواب: طعام أهل الكتاب إن كان لا يحتاج إلى ذكاة -أي ذَبْح- فلا خلاف بين العُلماء في حِلِّ أَكْلِه.

أمَّا ذبائح أهل الكتاب؛ وهم النصارى واليهود؛ فقد قال الشوكاني في تفسيره لآية: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] قال: الطعام اسمٌ لما يُؤْكَل، ومنه الذبائح.

وذهب أكثر العُلماء إلى تخصيصه هنا بالذبائح.

وفي هذه الآية دليلٌ على أنَّ جميع طعام أهل الكتاب من غير فَرْق بين اللَّحم وغيره حلالٌ للمسلمين، وإن كانوا لا يذكرون على ذبائحهم اسمَ الله، وتكون هذه الآية مخصِّصة لقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١]، وظاهر هذا أنَّ ذبائح أهل الكتاب حلالٌ وإن ذَكَر اليهوديُّ اسمَ عُزَيْرٍ على ذبيحته، وذَكَر النَّصرانيُّ على ذبيحته اسمَ المسيح.

وإليه ذهب أبو الدَّرْداء، وعُبادة بن الصامت، وابن عبَّاس، والزُّهْري، ورَبيعة، والشَّعْبي، ومَكْحول.

وقال عليٌّ، وعائشة، وابن عمر: إذا سَمِعْتَ الكتابيَّ يُسمِّي غير الله فلا تأكل.

وهذا هو قول طاووس، والحسن.

وتمسَّكوا بقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}، ويدل عليه أيضاً قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: ٣]، وقال مالك: إنَّه يُكْرَه ولا يَحرُم.

ثمَّ قال: وهذا الخلاف ينصبُّ على ما إذا عَلِمْنا أنَّ أهل الكتاب ذكروا اسم غير الله على ذبائحهم، أمَّا مع عدم العِلْم فقد حكى [الكيا] الطَّبَري وابن كثير الإجماع على حِلِّها؛ لهذه الآية، ولما ورد في السُّنَن من أَكْلِه -صلى الله عليه وسلم- من الشاة المَصْلِيَّة التي أهدتها إليه اليهوديَّة، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>