للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بآلةٍ حادَّة ممَّا يُنْهِر الدَّم ويَفْري الأوداج، أي: يُفجِّر دَمَ الحيوان ويقْطَع عُروقه من الرَّقبة بين الرأس والصَّدْر، فيموت الحيوان إثْرِها، وأكمل الذَّبْح أن يُقْطَع الحُلْقوم والمَريء -وهما مجرى الطعام والشراب والنَّفَس-، وأن يُقْطَع معهما الوَدَجان -وهما عِرْقان غَليظان بجانبي الحُلْقوم والمَريء-.

والذَّبْح معروف بالفِطْرة والعادة لكُلِّ الناس، وقد أقرَّ الإسلام بيُسْره وسماحته وبساطته ما جرت به عادة الناس وأعرافهم، وأقرَّته سُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفعليَّة في ذَبْح الأُضحية.

ومِنْ ثَمَّ فما أثاره بعض الفقهاء من أنَّه هل من الواجب في الذَّبْح قَطْع الأربعة (الحُلْقوم والمَريء والوَدَجَين)؟ وهل يجب في المقطوع قَطْع الكُلِّ أو الأكثر؟ وهل يُشترط في القَطْع ألَّا تُقْطَع الجَوْزَة إلى جهة البدن، بل إنَّما تُقْطَع إلى جهة الرأس؟ وهل إن قُطِعَت من جهة العُنُق حَلَّ أَكْلُها أم لا؟ وهل من شَرْط الذَّكاة ألَّا يرفع الذَّابح يده عن الذَّبيحة حتَّى تتمَّ الذَّكاة أم لا؟ كُلُّ هذه التساؤلات خاض فيها الفقهاء دون اعتماد على نصٍّ صريح باشتراطها، والذى ينبغي مراعاته، هو إنْهار دم الحيوان من موضع الذَّبْح المعروف عادةً وعُرْفاً بقَطْع تلك العُروق كُلِّها أو أكثرها؛ للحديث الشريف الصحيح: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْوا) رواه البخاري وغيره، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) رواه مسلم عن شداد بن أوس، وما رواه ابن عمر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجْهِزْ) رواه ابن ماجه.

هذا وقد قال أهل اللُّغة: إنَّ كُلَّ ذَبْح ذكاةٌ، وإنَّ معنى التَّذْكية في قوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>