للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للمسلمين الحلال والحرام على هذا النحو الذي لا شُبْهة فيه؛ كان الحكم الشرعيُّ العامُّ أنَّ ذبائح اليهود والنصارى حِلٌّ للمسلمين بنصِّ القرآن الكريم وبسُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قولاً وفعلاً؛ فقد ثبت في الصحيحين (أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- تَوَضَّأ مِنْ مَزَادَةِ امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ)، ولم يسألْها عن دِباغِها، ولا عن غسلِها. (المزادةُ وعاءٌ من جِلْدٍ من طبقةٍ أو طبقتين أو ثلاث يحمل فيه الماء. المصباح وتاج العروس في مادة زود).

وللخبر المشهور من حديث أنس رضي الله عنه: (أَنَّ يَهُودِيَّةً أَهْدَتْ لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- شَاةً مَسْمُومَةً فَأَكَلَ مِنْهَا) أي: دون أن يسأل عن طريق ذَبْحِها، أو يتحقَّق من آلة الذَّبْح. (الروض النضير ج ٣ ص ١٦٧ وما بعدها).

لمَّا كان ذلك، ونزولاً على ما صرَّح به الفقهاء من قبول خبر المسلم الفاسق أو الجاهل وخبر الكتابيِّ في حِلِّ الذَّبيحة، باعتبار أنَّ كُلًّا منهم أهلٌ للذَّكاة بنصِّ القرآن والسُّنَّة، على ما سلف بيان سنده؛ يجوز الاعتداد بشهادات الذَّبْح المرافقة لرسائل الدَّواجن واللحوم التي تُستورَد من بلادٍ يقوم بالذَّبْح فيها كتابيُّون (اليهود والنصارى).

وذلك ما لم يظهر من فحص رسائل الدَّواجن واللحوم المستوردة أنَّها لم تُذْبح، وإنَّما أُمِيتَت بالصَّعْق بالكهرباء، أو بالقَذْف بالماء المَغْلي، أو في البُخار، أو بالضرب على الرأس، أو بإفراغ محتوى المسدَّس المُميت في رأسها، أو متى ظهر أنَّها قد أُزهِقَت أرواحها بطريق من هذه الطُّرُق وأمثالها، أصبحت مَيْتةً مُحرَّمة؛ لأنَّها بهذا تدخل في نطاق آية المُحرَّمات (الآية الثالثة) في سورة المائدة.

ولمَّا كان الحلال والحرام من أمور الإسلام التي قَطَع فيها كُلُّ من القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>