للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آيتي (٣ و ٥) سورة المائدة أنَّ هناك مُحرَّمات استُثْني فيها المُذكَّى، وأنَّ هناك إباحة لطعام أهل الكتاب، اليهود والنَّصارى، ومِنْ طعامهم الذَّبائح، والارتباط بين حكمي الآيتين قائم، فلا بُدَّ أن نُحرِّم من ذبائحهم ما يُعتبَر بحُكم القرآن مَيْتةً أو مُنْخَنِقةً، أو مَوْقوذَةً، أو مُتَردِّيةً، أو نَطيحَةً، أو انتهت حياتها بأحد هذه الأسباب ولم تُدْرَك بالذَّكاة، وكان مع هذا علينا أن نرعى وصايا الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأن ونعمل بها؛ فقد أخرج البزَّار والطَّبراني من حديث أبي الدرداء بسند حسن: (مَا أَحَلَّ اللهُ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَهُ؛ فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيَنْسَى شَيْئاً)، وما أخرجه الطَّبراني من حديث أبي ثَعْلَبة: (إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ، فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ، فَلَا تَنْتَهِكُوهَا وَحَّدَ حُدُودًا، فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ، فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا)، وفي لفظ: (وَسَكَتَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلَا تَتَكَلَّفُوهَا رَحْمَةً لَكُمْ، فَاقْبَلُوهَا).

وقد روى الترمذي وابن ماجه من حديث سَلْمان أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنِ الجُبْنِ وَالسَّمْنِ وَالفِرَاءِ الَّتي يصنَعُها غيرُ المسلمينَ، فقال: (الحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ) (الأشباه والنظائر للسيوطي تحقيق المرحوم الشيخ حامد الفقي سنة ١٣٥٦ هجريَّة - ١٩٣٨ م ص ٦٠ في باب الأصل في الأشياء الإباحة حتَّى يدلَّ الدليل على التحريم)؛ إذ أنَّ هذه الأحاديث تدلُّ صراحةً على أنَّه لا ينبغي أن نُسارع إلى تحريم شيء لم يُحرِّمه الله صراحةً، ولا بُدَّ أن نتثبَّت قبل التحريم، وأن نُرجع الأمر إلى كتاب الله وسُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

وإذا كان الله ورسوله قد بيَّنا

<<  <  ج: ص:  >  >>