للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نحن كالخنزير؛ فإنَّه حلالٌ ومن طعامهم، وهو حَرامٌ علينا. فهذه أمثلة، والله أعلم (أحكام القرآن لابن العربي - المجلد الثاني ص ٥٥٣ - ٥٥٦، طبعة دار المعرفة).

وفي فقه الإمام أبي حنيفة: إنَّما تُؤكَل ذبيحة الكتابيِّ إذا لم يُشهَد ذبحه، ولم يُسمَع منه شيء، أو سُمِع وشُهِد منه تسمية الله تعالى وحده، وقد رُوي عن الإمام علي بن أبي طالب حين سُئِلَ عن ذبائح أهل الكتاب قوله: «قَدْ أحلَّ اللهُ ذبائحَهم وهو يَعلمُ ما يقولون» (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني ج - ٥ ص ٤٥ و ٤٦).

وفي فقه الإمام الشافعي (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي ج ٨ ص ١٠٧، والإقناع بحاشية البيجرمي ج ٤ ص ٥٦): أنَّه لو أخبر فاسق أو كتابيٌّ أنَّه ذَكَّى هذه الشاة قَبِلْناه؛ لأنَّه من أهل الذَّكاة.

وما تشير إليه هذه النصوص الفقهيَّة يمكن تجميعه في القاعدة التي قرَّرها الفقهاء؛ وهي: أنَّ (ما غاب عنَّا لا نسأل عنه).

إذ أنَّه ليس على المسلم أن يسأل عمَّا غاب عنه، كيف كانت ذكاته؟ وهل استوفت شروطها أم لا؟ وهل ذُكِر اسمُ الله على الذَّبيحة أم لم يُذْكَر؟ بل إنَّ كُلَّ ما غاب عنَّا ممَّا ذَبَحَه مسلمٌ [-أيًّا كان جاهلاً أو فاسقاً-] أو كتابيٌّ، حَلَّ أَكْلُه.

والأصل في هذا الحديث الذي رواه البخاري، (أَنَّ قَوْماً سَأَلُوا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا: إِنَّ قَوْماً يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ، لَا نَدْرِي أَذَكَروا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: سَمُّوا اللهَ عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوا).

فقد قال الفقهاء: إنَّ في هذا الحديث دليلاً على أنَّ التصرُّفات والأفعال تُحمَل على حال الصحَّة والسَّلامة حتَّى يقوم دليل على الفساد والبُطلان.

لمَّا كان ذلك؛ كان الأصل العامُّ المقرَّر من الله في القرآن الكريم في

<<  <  ج: ص:  >  >>