للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومَوْقوذَة، وهذه لا يمتري أحد بتحريمها؛ فقد حرَّمها الله في كتابه، وقرن تحريمها بتحريم الميتة والخنزير وما أُهِلَّ به لغير الله، وهذا غاية في التنفير والتحريم، فلا يبيحها كون خانقها أو واقذها منتسباً لدين أهل الكتاب.

وقد صرح العُلماء: أنَّ من شروط صحَّة الذَّبْح الآلة، وللآلة شرطان:

أحدهما: أن تكون محدَّدةً تقطع، أو تخرق بحَدِّها، لا بثِقَلِها، وفي حديث عَدِيٍّ قال: (سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ صَيْدِ المِعْرَاضِ فَقَالَ: مَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْهُ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَهُوَ وَقِيذٌ) (صحيح البخاري، الذبائح والصيد، ٥٤٧٥)، (صحيح مسلم، الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، ١٩٢٩).

والثاني: ألَّا تكون سِنًّا ولا ظُفُراً، فإذا اجتمع هذان الشرطان في شيءٍ حَلَّ الذَّبْح به؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ، وَالظُّفُرَ) متَّفق عليه.

وقال في (المغني): وأما المحلُّ -محل الذَّبْح -فالحَلْق واللَّبَّة، وهي الوَهْدَة التي بين أصل العُنُق والصَّدْر، ولا يجوز الذَّبْح في غير هذا المحلِّ بالإجماع.

الثالث: أنَّ الله أباح ذبائح أهل الكتاب؛ لأنَّهم يذكرون اسم الله عليها، كما ذكره ابن كثير وغيره، أمَّا الآن فقد تغيَّرت الحال، فهم ما بين مهمل لذِكْر الله، فلا يذكرون اسم الله ولا اسم غيره، أو ذاكرٍ لاسم غيره؛ كاسم المسيح، أو العُزَير، أو مريم، ولا يخفى حكم ما أُهلَّ لغير الله به في سياق المحرَّمات {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٧٣]، وفي حديث عليٍّ: (لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ) الحديث رواه مسلم والنسائي، أو ذاكرٍ عليه اسم الله واسم غيره، أو ذابحٍ لغير الله كالذي يذبح للمسيح أو عُزَير أو باسمهما، فهذا لا يشكُّ مسلمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>