للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بتحريمه، وأنَّه ممَّا أُهِلَّ به لغير الله.

وذكر إبراهيم المرُّوذِي: أنَّ ما ذُبِح عند استقبال السلطان تقرُّباً إليه أفتى أهل بُخارَى بتحريمه؛ لأنَّه ممَّا أُهِلَّ لغير الله. اهـ.

فمن ذبح للصنم، أو لموسى، أو لعيسى، أو غيرهما، فكُلُّ هذا حَرامٌ، ولا تَحِلُّ الذبيحة، سواء كان الذابح مسلماً أو كافراً، وبعضهم أباح هذه الذبائح مستدلًّا بقوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] وهذه ذبائحهم.

والصحيح: ما ذكرنا؛ لما أشرنا إليه من الأدلَّة، ولا مخالفة حتَّى يطلب الجمع، إذ ذبيحة الكتابيِّ مباحة، فلا تباح المُنْخَنِقة والمَوْقوذَة وما أُهِلَّ به لغير الله؛ لأنَّ خانقها وواقِذَها وذابحها من أهل الكتاب.

قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية بعد كلام في الجمع بين قوله: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٧٣]، وقوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] قال: والأشبه بالكتاب والسنة ما دلَّ عليه كلام أحمد من الحَظْر، وإن كان من متأخِّري أصحابنا من لا يذكر هذه الرواية بحال؛ وذلك لأنَّ قوله: {أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة: ١٧٣] عمومٌ محفوظٌ لم تخصَّ منه صورة، بخلاف طعام الذين أوتوا الكتاب، فإنَّه يُشرَط له الذَّكاة المبيحة، فلو ذَكَّى الكتابيُّ في غير المَحلِّ المشروع لم تبحْ ذكاتُه، ولأنَّ غاية الكتابيِّ أن تكون ذكاته كالمسلم، والمسلم لو ذبح لغير الله وذبح باسم غير الله لم يبح، وإن كان يكفر بذلك، فكذلك الذمِّي؛ لأنَّ قوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: ٥] سواء، وهم وإن كانوا يستحلُّون هذا، ونحن لا نستحلُّه، فليس كُلُّ ما استحلُّوه يحلُّ لنا، ولأنَّه قد تعارض دليلان حاظِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>