- إنَّ كون الأصل فيها أنَّها ذبائح أهل كتاب صحيح في الجملة، لو سَلِمَ من المعارض، وما يعارضه هو أنَّه قد استفاض أنَّ نسبةً معتبرةً من اللحوم المعروضة في الأسواق هناك تخرج عن حدِّ النُّدْرة، قد لا تكون ذُكِّيت ذكاةً شرعيَّة، وإذا تخلَّفت الذَّكاة الشرعيَّة صار حكم ما ذُبِحَ حُكمَ المَيْتَة، وإن كانت صورته صورة المُذَكَّى؛ لأنَّ قَطْع الحُلْقوم والمَريء والوَدَجَين لم يحصل إلَّا بعد إزهاق الرُّوح.
وهذا قد عُرِفَ بالاستفاضة، وهو في البقر والغنم أكثر منه في الدَّجاج، لأنَّ الدَّجاج لا يُصْعَق ولا يُضْرَب بمسدَّس في رأسه، كما يُفعَل بالبقر والغنم، لكنَّه يمُرُّ بمنطقة فيها ماءٌ ساخنٌ، ثمَّ يمُرُّ بعدها مباشرة بالموس الذي يقطع الرأس، ويقال: إنَّ الذي يموت بالاختناق جرَّاء هذه العمليَّة نسبةٌ ضئيلةٌ جدًّا، والباقي تدركه الذَّكاة. هذا ما بلغنا عن كيفيَّة الذَّبْح في بعض المصانع، وهي صورةٌ من الصور المتَّبَعة فيه، عِلْماً بأنَّ الأساليب المتَّبَعة في الذَّبْح في أمريكا أفضل منها في أوربَّا. وعليه؛ فإنَّ الاحتياط في لحوم البقر والغنم ينبغي أن يكون أشدَّ منه في الدَّجاج، لأنَّ احتمال موت البقر والغنم قبل ذَبْحِها أكبر من احتمال موتها بالذَّبْح، كما أفاد ذلك من له بعض اطِّلاع على مصانع ذَبْح الأبقار.
فعلى الإخوة الذين يعيشون في تلك البلاد مراعاة ما يلي:
أوَّلًا: إذا أمكن معرفة المصانع التي تَذْبَح بطريقةٍ غير شرعيَّةٍ، فإنَّ منتجاتها من اللحوم تُجتَنَب.
ثانياً: هناك نوعان من الذَّبائح تنطبق عليها أحكام ذبائح أهل الكتاب، وهما موجودان عادةً في الأسواق الأمريكيَّة والأوربيَّة، وهما:
- ذبائح النَّصارى المتديِّنين الذين قد عُرِف عنهم أنَّهم يلتزمون الذَّبْح؛ كطائفة الآمِش ونحوهم.