للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ). وفي (مسند الإمام أحمد) عن أنس أيضاً: (أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، فَأَجَابَهُ)، والإهالة السَّنِخة: ما أُذيب من الشَّحْم والأَلْيَة وتغيَّرت رائحته.

وفي (صحيح البخاري) عن عبد الله ابن مُغَفَّل رضي الله عنه قال: (كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ). وفي روايةٍ لمسلم عنه قال: (أَصَبْتُ جِرَابًا مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَالْتَزَمْتُهُ، فَقُلْتُ: لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا مِنْ هَذَا شَيْئًا. فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مُبْتَسماً). فهذا فِعْل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإقراره في حِلِّ ذبائح أهل الكتاب.

وأمَّا الإجماع؛ فقد حكى إجماع المسلمين على حِلِّ ذبائح أهل الكتاب غير واحد من أهل العِلْم؛ منهم: صاحب المغني (ص ٥٦٧ ج ٨ ط، دار المنار)، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية؛ قال (ص ٢٣٢ مج ٣٥ من مجموع الفتاوى لابن قاسم): «ومن المعلوم أنَّ حِلَّ ذبائحهم ونسائهم ثبت بالكتاب والسُّنَّة والإجماع»، وقال: «ما زال المسلمون في كُلِّ عَصْرٍ ومِصْرٍ يأكلون ذبائحهم، فمن خالف ذلك فقد أنكر إجماع المسلمين» ا. هـ.

ونقل الإجماع أيضاً ابن كثير في تفسيره (ص ٧٨ - ج ٣ المطبوع مع تفسير البغوي).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً (ص ٢٢٣ - ٢٢٤ من المجلَّد السابق): «بل الصواب المقطوع به أنَّ كون الرَّجُل كتابيًّا أو غير كتابيٍّ هو حُكمٌ مستقلٌّ بنفسه لا بِنَسَبِه، وكُلَّ من تَدَيَّن بدين أهل الكتاب فهو منهم؛ سواء كان أبوه أو جَدُّه داخلاً في دينهم أو لم يدخل، وسواء كان دخوله قبل النَّسْخ والتبديل أو بعد ذلك، وهذا مذهب جمهور العُلماء؛ كأبي حنيفة، ومالك، والمنصوص الصريح عن أحمد، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>