للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان بين أصحابه في ذلك نزاعٌ معروفٌ، وهذا القول هو الثابت عن الصحابة رضي الله عنهم، ولا أعلم في ذلك بين الصحابة نزاعاً، وقد ذكر الطحاوي أنَّ هذا إجماع قديم» ا. هـ كلامه رحمه الله.

وبهذا تَحدَّد المقام الأوَّل؛ وهو حِلُّ ذبيحة أهل الكتاب (اليهود والنصارى) بالكتاب والسُّنَّة والإجماع.

فأمَّا غيرهم من المجوس والمشركين وسائر أصناف الكفَّار فلا تَحِلُّ ذبيحتهم؛ لمفهوم قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥]؛ فإنَّ مفهومها أنَّ غير أهل الكتاب لا يَحِلُّ لنا طعامهم؛ أي ذبائحهم. ولأنَّ الصحابة رضي الله عنهم لمَّا فتحوا الأمصار امتنعوا عن ذبائح المجوس. وقال في المغني (ص ٥٧٠ من الجزء السابق): «أجمع أهل العِلْم على تحريم صيد المجوسي وذبيحته، إلَّا ما لا ذكاة له كالسَّمَك والجَراد». وقال: «وأبو ثور أباح صيده وذبيحته ... ، وهذا قول يخالف الإجماع، فلا عبرة به»، ثمَّ نقل عن أحمد أنَّه قال: «لا أعلم أحداً قال بخلافه -أي: بخلاف تحريم صيد المجوسي وذبيحته- إلَّا أن يكون صاحب بدعة» ا. هـ.

قال: «وحكم سائر الكفَّار من عَبَدَة الأوثان، والزنادقة وغيرهم حكم المجوس في تحريم ذبائحهم وصيدهم». لكن ما لا يشترط لحِلِّه الذَّكاة؛ كالسَّمَك والجَراد؛ فهو حلالٌ من المسلمين وأهل الكتاب وغيرهم.

المقام الثاني: إجراء ما ذَبَحَه مَنْ تَحِلُّ ذبيحتُه على أصل الحِلِّ:

وهذا المقام له ثلاث حالات:

الحال الأوَّل: أن نعلم أنَّ ذَبْحَه كان على الطريقة الإسلاميَّة بأن يكون ذَبْحُه في محلِّ الذَّبْح وهو الحَلْق، وأن يُنْهِر الدَّم بمُحدَّد غير العَظْم والظُّفْر، وأن يَذْكُر اسمَ الله عليه؛ فيقول الذَّابح عند الذَّبْح: «بسم الله»، ففي هذه الحال المذبوح حلالٌ بلا شكٍّ؛ لأنَّه ذَبْحٌ وقع

<<  <  ج: ص:  >  >>