للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه وفي تَعدُّده؟ فإن كان فيه وفي تعدُّده فيُشْكِل؛ لأنَّ الانتهاء في الكَلْب إلى السَّبْع إمَّا تَعبُّداً، وإمَّا لتشديد المنع، وإمَّا لعدم انتهائهم بعد أن نُهُوا. والانتهاء في الخنزير إن كان تعبُّداً؛ قياساً على التعبُّد في الكَلْب، فالتعبُّدات لا يُقاس عليها، وإن كان لتشديد المنع لعدم الانتهاء، فلم يوجد ذلك في الخنزير.

الجواب: أن تعلم أوَّلًا أنَّ الرواية بإلحاقه به في العدد ثابتة، وهي رواية مُطَرِّف عن مالك، نقلها ابن القَطَّان وغيره، والرواية بإلحاقه في مُطْلَق الغسل ثابتة نَقَلَها اللّخْمي بعد نَقْلِه لرواية مُطَرِّف، ووقع في آخر مسألةٍ من سماع أبي زَيدٍ أنَّ الخنزير أشدُّ من الكَلْب، فأجاز الوضوء من سُؤْر الكَلْب، ولم يُجزْه من سؤر الخنزير. وضعَّفه ابن رُشْدٍ وسَوَّى بينهما، واحتجَّ بما يُوقَفُ عليه من كلامه. وإذا عَلِمْتَ ذلك؛ فاعْلَم أنَّ الأشياخ في توجيه رواية الإلحاق كالمُطْبِقِين على التعليل بالاستقذار وشدَّة التنفير، ومنهم المازِرِيُّ؛ فإنَّه قال ما حاصله: أَلْحَقَهُ به مرَّةً؛ لأنَّه أغلظ في التحريم من الكَلْب، وأشدُّ استقذاراً، فكان أحقَّ بتكرير الغسل من الكَلْب. ونفاه مرَّة أخرى؛ لأنَّ سائر النجاسات المُجْمَع عليها لم يَرِد الشَّرْع باشتراط عددٍ فيها، فعدم اشتراطها في الخنزير أَوْلى، وقياسه على الكَلْب لا يصحُّ إلَّا بعد اشتراكهما في عِلَّة الحكم، ولم يقم الدليل على اشتراكهما في ذلك، انتهى. وفي توجيهه الرواية الثانية إشارةٌ إلى ما ذكره السائل في توجيهه الأَوَّل، تصريحٌ بالجواب عنه. وقد قَوِيَ عند ابن عبد السَّلام مَدْرَك الرواية الثانية؛ فقال مستشكلاً للرواية الأُولَى ما حاصله: لأنَّ الإلحاق إنَّما يصحُّ على بحثٍ فيه إذا قلنا إنَّه حكمٌ مُعَلَّل، وإلَّا فلا قياس في الأحكام التعبديَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>