لتلوَّث الثوب الآخر، فلم يستفد من تغييره شيئاً، فإذا كان الوارد عن الصحابة لا يخرج عن هذين الوجهين، فإنَّه لا يمكن إثبات طهارة الدَّم بمثل ذلك، والذي يتبيَّن من النصوص فيما نراه في طهارة الدَّم ونجاسته ما يلي:
أ - الدَّم السائل من حيوانٍ مَيْتَتُه نَجِسَة، فهذا نَجِسٌ كما تدلُّ عليه الآية الكريمة.
ب - دَمُ الحَيْض. وهو نَجِسٌ كما يدلُّ عليه حَدِيثَا عائشة وأسماء -رضي الله عنهما-.
جـ - الدَّم السائل من بني آدم. وظاهر النصوص وجوب تطهيره إلَّا ما يَشقُّ التحرُّز منه؛ كدَم الجُرْح المستمرِّ، وإن كان يمكن أن يُعارَض هذا الظاهر بما أشرنا إليه عند الكلام على غَسْل جُرْح النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وبأنَّ أجزاء الآدمي إذا قُطِعَت كانت طاهرةً عند أكثر أهل العِلْم، فالدَّم من باب أَوْلَى، لكن الاحتياط التطهُّر منه؛ لظاهر النصوص، واتِّقاء الشُّبُهات التي من اتَّقاها اسْتَبْرأ لدِينِه وعِرْضِه.
د - دمُ السمك. وهو طاهرٌ؛ لأنَّه إذا كانت مَيْتَتُه طاهرةً كان ذلك دليلًا على طهارته؛ فإنَّ تحريم المَيْتَة من أجل بقاء الدَّم فيها، بدليل قول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ). فجعل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- سبب الحِلِّ أمرين:
أحدهما: إنْهَار الدَّم
الثاني: ذِكْر اسمِ الله تعالى.
الأوَّل حِسِّيٌّ، والثاني مَعْنويٌّ.
هـ- دَمُ الذُّباب والبَعُوض وشِبْهِه؛ لأنَّ مَيْتَته طاهرةٌ كما دلَّ عليه حديث أبي هريرة في الأمر بغَمْسِه إذا وَقَعَ في الشراب، ومن الشَّراب ما هو حارٌّ يموت به، وهذا دليلٌ على طهارة دَمِه؛ لما سبق من عِلَّة تحريم المَيْتَةِ.
و- الدَّم الباقي بعد خروج النَّفْس من حيوانٍ مُذَكًّى؛ لأنَّه كسائر أجزاء البهيمة، وأجزاؤها حلالٌ طاهرةٌ