وعن سَوْدَة بنت زَمْعَة زوج النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قالت:(مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا، فَمَا زِلْنَا نَنْبُذُ فِيهِ حَتَّى صَارَ شَنًّا).
وعن ابن عبَّاسٍ قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:(إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ).
قلتُ: وفي روايةٍ له عن عبد الرَّحمن ابن وَعْلَة: (إنَّا نكُونُ بِالمَغْرِبِ وَمَعَنَا البَرْبَرُ وَالمَجُوسُ، نُؤْتَى بِالكَبْشِ قَدْ ذَبَحُوهُ، وَنَحْنُ لَا نَأْكُلُ ذَبَائِحَهُمْ، وَنُؤْتَى بِالسِّقَاءِ يَجْعَلُونَ فِيهِ الوَدَكَ (١). فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: دِبَاغُهُ طَهُورُهُ).
وعن عائشة رضي الله عنها (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ المَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ). رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجَه والنَّسائيُّ. وفي روايةٍ عن عائشة قالت:(سُئِلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ جُلُودِ المَيْتَةِ، فَقَالَ: دِبَاغُهَا طَهُورُهَا) رواه الإمام أحمد والنَّسائيُّ.
وعن سَلَمَة بن المُحَبِّق رضي الله عنه (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بِبَيْتٍ بِفِنَائِهِ قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ فَاسْتَقَى، فَقِيلَ: إِنَّها مَيْتَةٌ، فَقَالَ: ذَكَاةُ الأَدِيمِ دِبَاغُهُ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنَّسائيُّ.
وأمَّا حديث ابن عُكَيْمٍ فقد طَعَنَ بعضُ النَّاس فيه بكَوْنِ حامِلِه مجهولاً، ونحو ذلك ممَّا لا يَسوغُ رَدُّ الحديث به. قال عبد الله بن عُكَيمٍ:(أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ: أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ) رواه الإمام أحمد -وقال: ما أصلَحَ إسنادَه-، وأبو داود وابن ماجَه والنَّسائيُّ والتِّرمذيُّ، وقال: حديثٌ حسنٌ.
وأجاب بعضُهم عنه بأنَّ الإهاب اسمٌ للجِلْد قبل الدِّباغ، كما نقل ذلك النَّضرُ بن شُمَيْل وغيرُه من أهل اللُّغة. وأمَّا بعد الدَّبغ فإنَّما هو أَديمٌ؛ فيكون
(١) الوَدَك: هو دسمُ اللَّحم ودُهْنُه الذي يُستخرجُ منه. النهاية في غريب الحديث (٥/ ٣٦٨).