للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبأنَّ الشَّعْرَ لا تَحُلُّهُ الحياةُ؛ بدليل أنَّه إذا جُزَّ لا يألَم صاحبُه، فلا يَحُلُّه الموتُ المُقتَضِي للتَّنْجيسِ، فلا يكون نَجِساً، بل يبقى على طهارته كما كان قبل الموت.

وبأنَّ المُقتضِي لتَنْجيس اللَّحم والجِلْد ما فيها من الزُّهومَة، ولا زُهومَة في الشَّعْر، فلا يَنْجُس.

وحكى العَبْدَرِيُّ عن الحَسن، وعطاءٍ، والأَوزاعيِّ، واللَّيث بن سَعْدٍ؛ أنَّ الشَّعْر يَنْجُس بالموت، ولكن يَطْهُر بالغَسْل.

واحتجُّوا بحديث أمِّ سَلَمَةَ عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (لَا بَأْسَ بِجِلْدِ المَيتَةِ إِذَا دُبِغَ، وَلَا بِشَعْرِهَا إِذَا غُسِلَ) رواه الدَّارقطنيُّ، وسَنَدُه ضعيفٌ.

وبالقياس على شَعْر غيرها إذا حَلَّت فيه نَجاسةٌ، فإنَّه يَطْهُر بالغَسْل كسائر الجامِدات إذا طَرَأَت نَجاسَتُها.

وحكى الرَّبيعُ الجِيزيُّ عن الشَّافعيِّ أنَّ الشَّعْر تابعٌ للجِلْد؛ يَطْهُر بطهارَتِه، ويَنْجُس بنجاستِه. وهذا أقوى المذاهب، كما سنذكره.

وأمَّا المُقدِّمة الثَّانية: فللعُلماء في جُلودِ المَيتَة سبعة مذاهب:

أحدُها: لا يَطْهُر بالدِّباغ شيءٌ منها، رُوِيَ ذلك عن عمر بن الخَطَّاب، وابنه، وعائشةَ، وهو أشهر الرِّوايتين عن أحمد، وروايةٌ عن مالكٍ.

والثَّاني: يَطْهُر بالدَّبغ جِلْد مأكول اللَّحم دون غيره، وهو مذهب الأَوْزاعيِّ، وابن المُبارَك، وأبي ثَوْرٍ، وإسحاق بن راهَوَيْه، ورواية أَشْهَب عن مالكٍ.

والثَّالث: يَطْهُر به كُلُّ جُلود المَيتَة إلَّا الكَلْب، والخنزير، والمُتولِّد من أحدهما، وهو مذهب الشَّافعيِّ، وحَكَوْه عن عليِّ بن أبي طالبٍ، وابن مسعودٍ.

والرَّابع: يَطْهُر به الجميع إلَّا جلد الخنزير، وهو مذهب أبي حنيفة، وروايةٌ عن مالكٍ حكاها ابن القَطَّان.

<<  <  ج: ص:  >  >>