بشَعْره، وإذا انطَلَق عليه وَجَب أن يَطْهُر؛ لقوله عليه السلام:(أَيَّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ)، والاعتراض عليه يمنع الملازمة.
وقوله في تقريرها: إنَّ الدِّباغ إنَّما يُفيد الطَّهارة فيما له أَثرٌ فيه، يُقال عليه: إنَّما يُفيدها فيما له فيه أَثرٌ قصداً أو تبعاً. الأوَّل مُسَلَّمٌ، ونحن لا نقول بأنَّه يُفيدها في الشَّعْر قَصداً، وإنَّما يُفيدها تبعاً للجِلْد، بدلالة الحديث، وانطلاق لفظ الإهاب على الجميع. انتهى.
ومن الأدلَّة القياسيَّة على طهارة الشَّعْر بالدِّباغ تبعاً للجِلْد: القياسُ على دَنِّ الخَمْر إذا صارت خَلًّا؛ فإنَّه يَطْهُر تبعاً لها.
فإن اعتَرَض مُعتَرِضٌ بأنَّ ذاك من مَحَلِّ الضَّرورَةِ.
قُلنا: وهذا من مَحلِّ الحاجة، وقد نصَّ الفُقهاء في قواعدهم على أنَّ (الحاجة تُنَزَّل مَنْزِلَة الضَّرورة).
وممَّا يُستدلُّ به أيضاً من جهة القياس: مسألة ما لو وَلَغ الكَلْب في إناءٍ فيه ماءٌ قليلٌ، فإنَّ الماء والإناء يَنْجُسان معاً، فلو كُوثِرَ الماءُ حتَّى بلغ قُلَّتَين فإنَّ الماء يَطْهُر، وكذا الإناء تبعاً له في أحد الأوجه، فهذا حُكْمٌ بالطَّهارة على سبيل التَّبعيَّة، فيُقاس عليه الحُكْم بطهارة الشَّعْر على سبيل التَّبعيَّة للجِلْد.
وممَّا يُستدلُّ به أيضاً من جهة القياس: مسألة الدَّم الباقي على اللَّحم وعِظامه؛ فإنَّه محكومٌ بطهارته تبعاً للَّحْم؛ لعُموم البَلْوَى به، كما ارتضاه النَّوويُّ في (شرح المُهذَّب)، وقال: قد ذَكَرَه أبو إسحاق الثَّعْلَبيُّ المُفَسِّر من أصحابنا، ونقل عن جماعةٍ كثيرةٍ من التَّابعين أنَّه لا بأس به. ودليلُه: المشقَّة في الاحتراز منه، وصرَّح أحمد وأصحابه بأنَّ ما يبقى من الدَّم في اللَّحْم مَعْفُوٌّ عنه ولو عَلَتْ حُمْرَة الدَّم في القِدْر؛ لعُسْر الاحتراز منه، وحَكُوه عن عائشة، وعِكرمَة، والثَّوريِّ، وابن