(كلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)، والبِتْع نَبيذُ العَسَل، والمِزْر نَبيذُ الشَّعير. وروى مسلم أنَّه -صلى الله عليه وسلم- سُئل عن الأشربة التي تُنتبذُ من العَسَل والذُّرَة والشعير، فأجاب:(كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ)، ويدخل في ذلك الموادُّ الطبيعيَّة والمُصنَّعة.
وتغيير اسم المشروب المُسْكِر لا يُغيِّر من الحُكم كما لا تُغيِّره المادَّة المُسْكِرة، فالعبرة بالمُسمَّيات لا بالأسماء، وقد ورد في ذلك حديثٌ رواه ابن ماجه وابن حِبَّان في صحيحه:(يَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الخَمْرَ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يُضْرَبُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالمَعَازِفِ وَالقَيْنَاتِ -المُغنِّيات-، يَخْسِفُ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ، وَيَجْعَلُ اللهُ مِنْهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ)، ويستوي في الحكم كُلُّ وسائل التناول للمُسْكِر، من شُرْبٍ، أو أَكْلٍ، أو شَمٍّ، أو تَدْخين، أو حَقْن، أو غير ذلك.
والحشيش، وإن كان لم يعرف في العالم الإسلامي إلَّا حوالي القَرْن السادس أو السابع الهجري عند ظهور التَّتار، إلَّا أنَّه كان معروفاً في التاريخ القديم في الشرق والغرب، ولمَّا عَرَفَه المسلمون، ولمسوا آثاره طبَّقوا عليه عموم الحديث الذي حَرَّم كُلَّ مُسْكِر، وكذلك عموم قول أمِّ سَلَمَة رضي الله عنها:(نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَن كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ)، كما رواه أبو داود في سُننه. فهو مُحرَّم إمَّا بالنصَّ وإمَّا بالقياس، وقد نقل الإجماع على حُرْمَتِه غير واحد من الأئمَّة؛ منهم: القَرَافي وابن تيمية، وقد جمع بعض الباحثين القُدامى نحو مائة وعشرين مضرَّة دِينيَّة وبَدَنيَّة في الحشيش، ولهذا أكَّد ابن تيمية حُرْمَته وقال: إنَّ مُسْتحِلَّه يكْفُر، وصرَّح في كتابه (السياسة الشرعيَّة) بأنَّه أخبث من الخَمْر من جهة أنَّه يُفسِد العَقْل والمزاج حتَّى يصير في الرَّجُل تخنُّث، وهو داخلٌ فيما حَرَّمه الله ورسوله من الخَمْر والمُسْكِر لفظاً ومعنًى. وابن القيِّم في كتابه (زاد المعاد) قال: إنَّ الخَمْر