للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يدخل معها كُلُّ مُسْكِر، مائعاً كان أو جامداً، عصيراً أو مطبوخاً.

وإذا كانت هذه المُسْكِرات أو المُخدِّرات أو المُفتِّرات مُحرَّمة كالخَمْر، فإنَّ عقوبتها المنصوص عليها في الأحاديث تشملها أيضاً، وهي عقوبة أُخرويَّة شديدة، والقليل من المُسْكِر حَرامٌ كما نصَّ عليه الحديث الذي رواه النسائي وأبو داود، وقال الترمذي: إنَّه حسن: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ). وفي رواية للنسائي: (أَنْهَاكُمْ عَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ). وإسناده صحيح.

فمن شرب المُسْكِر -وهو مسلمٌ بالغٌ عاقلٌ مختارٌ عالمٌ بأنَّه مُسْكِر، وعالمٌ بتحريمه- وجب عليه الحدُّ، سواء سَكِرَ أم لا، والحدُّ الأدنى في العقوبة أن يُجلَدَ أربعين؛ كما رواه مسلم من فعل النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وروى مسلم أيضاً أنَّ عبدَ الله بن جعفر جَلَدَ الوليدَ بين يدي عثمان، وعليٌّ يَعُدُّ حتَّى بلغ أربعين، فقال: أمسك، ثمَّ قال: (جَلَدَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، [وَعُمَرُ] (١) ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ)، فإذا رأى الإمام أن يبلغ بالحدِّ ثمانين فعل؛ لما رواه مسلم عن عمر جعله ثمانين، وقال عليٌّ لعمرَ: (إِذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَعَلَى المُفْتَرِي ثَمَانُونَ)، فأخذ به عمر ولم ينكره أحد. واتَّفق الصحابة على ذلك، فالعقوبة مقرَّرة بصَرْف النظر عن الخلاف في كون الحدِّ أربعين وما زاد على ذلك فهو تعزير.

والعقوبة لا تُنفَّذ حال السُّكْر حتَّى يحسَّ بها، ولو نفذت حال السُّكْر، قيل يُعتَدُّ بها، وقيل لا يُعتَدُّ. (كفاية الأخيار - ج ٢ ص ١١٦).

وعقوبة الحدِّ مقرَّرة لمن شرب الخَمْر، أمَّا من تعاطى غيرها من المائعات أو الجوامد فعقوبته الحدُّ؛


(١) في أصل الفتوى (عثمان).

<<  <  ج: ص:  >  >>