للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وأمَّا الأحاديث التي تمسَّك بها المخالف عن الصَّحابة فلا يصحُّ منها شيءٌ على ما قال عبد الله بن المبارك وأحمد وغيرهما. وعلى تقدير ثبوت شيء منها؛ فهو محمولٌ على نقيع الزَّبيب والتَّمر من قبل أن يدخل حدَّ الإسْكار؛ جَمْعاً بين الأحاديث ... انتهى.

قال ابن المنذر: قال إنَّ الخَمْر من العِنَب ومن غير العِنَب: عمر، وعليٌّ، وسعد، وابن عمر، وأبو موسى، وأبو هريرة، وابن عبَّاس، وعائشة.

ومن التابعين: ابن المُسيِّب، وعُرْوة، والحسن، وسعيد بن جُبَيْر، وآخرون.

قال: وهو قول مالك، والأَوْزاعِيِّ، والثَّوريِّ، وابن المبارك، والشَّافعيِّ، وأحمد، وإسحاق، وعامَّة أهل الحديث.

قال الحافظ في (فتح الباري): يمكن الجَمْع بأنَّ من أطلق الخَمْر على غير المُتَّخذ من العِنَب حقيقةً يكون أراد الحقيقة الشَّرعيَّة، ومن نفى أراد الحقيقة اللُّغويَّة. وقد أجاب بهذا ابن عبد البرِّ وقال: إنَّ الحُكْم إنَّما يتعلَّق بالاسم الشَّرعيِّ دون اللُّغويِّ. انتهى.

وأيضاً يقال: ما وقع من مبادرة الصَّحابة إلى إراقة ما لديهم من غير عصير العِنَب من المُسْكِرات وعدم استفصالهم عن ذلك، إمَّا لفهمهم أنَّ الخَمْر حقيقةٌ في الكُلِّ، أو يكون فِعْلُهم على تقدير أنَّه حقيقةٌ في البعض، مجازٌ في البعض، دليلاً على جواز استعمال اللَّفظ في جميع معانيه الحقيقيَّة والمَجازيَّة، لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قرَّرهم على ذلك ولم يُنْكِر عليهم؛ فجاز إطلاق الخَمْر على كُلِّ مُسْكِر بذلك، وهو المطلوب؛ فيكون تحريم كُلِّ مُسْكِر ثابتاً بنصِّ القرآن، كما هو ثابتٌ بنصِّ السُّنَّة كما تقدَّم.

وإذا تقرَّر لك هذا، وعرفت قيام الدَّليل على تحريم كلِّ مُسْكِر من غير تقييد؛ فاعلم أنَّ كُلَّ نوعٍ ثبتت له

<<  <  ج: ص:  >  >>