للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنَّه استثناءٌ منقطعٌ؛ لأنَّ المذكورات لا تُسْكِر، وإنَّما تُخَدِّر أو تُفَتِّر؛، لأنَّ السُّكْر عبارةٌ عن الطَّرَب المثير للنَّخْوَة، ولو كانت من السُّكْر لافتقر تَخصيصها إلى دليل شرعيٍّ. انتهى.

تحريمُ الحَشيشَة

قال الحافظ ابن حَجَرٍ -مُجيباً على من قال: إنَّ الحَشيشَةَ ليست بمُسْكِرةٍ بل مُخَدِّرة-: إنَّ ذلك مكابرةٌ؛ لأنَّها تُحدِثُ ما يُحدِثُ الخَمْرُ من الطَّرَبِ والنَّشاةِ ... انتهى.

وعلى الجُملَة: إنَّه إذا سُلِّم أنَّها غير مُسْكِرةٍ فهي مُفَتِّرةٌ، وكُلُّ واحدٍ من الأمرين يقتضي تحريمها، وقد حَكَى الفِرْيابيُّ وابن تيمية الإجماع على تحريم الحشيشة، قال: ومن استحَلَّها فقد كَفَر. قالا: وإن لم يتكلَّم فيها الأئمَّة الأربعة؛ لأنَّها لم تكن في زمنهم، وإنَّما ظهرت في آخر المائة السادسة وأوَّل المائة السابعة، حين ظهرت دولة التَّتار.

وذكر ابن تيمية في كتاب (السياسة) أنَّ الحدَّ واجبٌ في الحشيشة كالخَمْر، وحَكَى الماورديُّ أنَّ النبات الذي فيه شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ يجب فيه الحَدُّ.

وقال ابن البِيطَار -وإليه انتهت الرِّياسة في معرفة خواصِّ النبات-: إنَّ الحشيشة مُسْكِرةٌ جدًّا، إذا تناول الإنسان منها قَدْرَ دِرْهمٍ أو دِرْهَمَين أخرجَتْهُ إلى حَدِّ الرُّعونة، وقد استعملها قومٌ فاختلَّت عُقولُهم.

وقال ابن دقيق العيد في الجَوْزَة: إنِّها مُسْكِرةٌ. ونقله عنه المتأخِّرون من الحنفيَّة والشافعيَّة والمالكيَّة واعتمدوه.

وذكر ابن القَسْطَلَّاني في (تكريم المعيشة) أنَّ الحشيشة مُلْحَقةٌ بجَوْزَة الطِّيب والزَّعفران والأَفْيون والبَنْج، وهذه من المُسْكِرات المُخدِّرات.

وقال الزَّرْكَشي: إنِّ هذه الأمور المذكورة تُؤثِّر في متعاطيها المعنى الذي يُدخِلُه في حَدِّ السَّكْران؛ فإنَّهم

<<  <  ج: ص:  >  >>