للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنَّه يُباحُ في مثل هذه العمليَّات؛ إذ تدعو إليه الضرورة.

قال ابن تيمية عن المُخَدِّرات: إنَّ فيها من المفاسد ما ليس في الخَمْر؛ فهي أَوْلَى بالتحريم، ومن استحَلَّها وزعم أنَّها حلالٌ؛ فإنَّه يُستتاب، فإن تاب، وإلَّا قُتِلَ مُرتدًّا، لا يُصَلَّى عليه، ولا يُدْفَن في مقابر المسلمين.

وقال الإمام ابن القيِّم: «يدخُلُ في الخَمْر كُلُّ مُسْكِر، مائعاً كان أو جامداً، عصيراً أو مطبوخاً، واللُّقْمَةُ الملعونة -يقصد الحشيش- لُقْمة الفِسْقِ والفُجور التي تُحرِّكُ القلبَ الساكن إلى أخبث الأماكن».

والمُخَدِّرات لها أضرارٌ صحِّيَّة، وعَقْليَّة، وروحيَّة، وأدبيَّة، واقتصاديَّة، واجتماعيَّة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ)، ولذلك تَحرُمُ المُخَدِّرات، وفي طليعتها الحشيش؛ بقاعدة دَفْع الشَّرِّ وَسَدِّ ذَرائِع الفَسادِ، حتَّى ولو لم يَرِدْ نَصٌّ بتحريمها.

كما أنَّ المُخَدِّرات تقتل حوافز العمل، وتُغْري بالكَسَل، ونحن لم نَنْسَ كيف كان شعب الصِّين فَريسَةً للأَفيون، وكيف تعطَّلت حوافز العمل فيه بسبب هذا المُخَدِّر، وكيف نهض نهضة العِمْلاق حين ترك هذا الأَفْيون اللَّعين.

والمُخَدِّراتُ -وفي طليعتها الحشيش- تُذْهِبُ بنَخْوَة الرِّجال، وبالمعاني الفاضلة في الإنسان، وتجعلُه غيرَ وَفيٍّ إذا عاهد، وغير أمينٍ إذا أؤتُمِنَ، وغير صادقٍ إذا حَدَّثَ، وتُميتُ فيه الشعور بالمسؤوليَّات، والشعور بالكرامة، وتملؤه رُعْباً ودَناءَةً، وخيانةً لنفسه ولمن يُعاشِر؛ فيصبح عضواً موبوءاً فاسداً، يجب علاجه وإبعاده.

[يسألونك في الدين والحياة (٢/ ٢٨٤ - ٢٨٧)]

<<  <  ج: ص:  >  >>