للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الناس أشدُّ، فحُكْم قليلها وكثيرها كحُكْم قليل الخَمْر وكثيره، فمن تناولها وَجَبَ إقامة الحَدِّ عليه إذا كان مسلماً يعتقد حُرْمَتها، فإن اعتقد حِلَّها حُكِمَ برِدَّته وبجَرَيان أحكام المُرتدِّين عليه، والقاعدة الشرعيَّة أنَّ (ما تشتهيه النفوس من المُحرَّمات؛ كالخَمْر والزنا ففيه الحدُّ، وما لا تشتهيه كالميتة ففيه التعزير).

والحشيشة ممَّا يشتهيها آكِلُوها ويمتنعون عن تركها، فيجب فيها الحدُّ وهو ثمانون سَوْطاً. وآكِلُها تبطُل صلاتُه إذا لم يغتسل منها، ولو اغتسل فهي خَمْر.

وفي الحديث: (مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يومًا، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ فَشَرِبَها لَمْ تُقْبَلْ، فَإِنْ عَادَ فَشَرِبَها في الثالثة والرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبَالِ. قيل: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الخَبَالِ؟ قَالَ: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ)، فصلاتُه باطلةٌ تارةً، وغير مقبولةٍ تارةً أخرى.

ويجب الإنكار عليه باتِّفاق المسلمين، فمن لم يُنْكِر عليه كان عاصياً لله ولرسوله، ومن مَنَعَ المُنْكَر عليه -أي حال بينه وبين العِقَاب بشفاعةٍ أو دِفاعٍ أمام الحاكم- فقد حادَّ الله ورسوله، ففي (سنن أبي داود) عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَدْ حَادَّ اللهَ أَمْرَهُ، وَمَنْ قَالَ: فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ حُبس في رَدْغَةِ الخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ -[الرَّدْغَة] مثل البيت يُصَاد به الضَّبُع- وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ، لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللهِ حَتَّى يَنْزِعَ) (يقلع). ا هـ.

فالمخاصمون عنه مخاصمون في باطل، وهم في سخط الله، وكُلُّ من عَلِمَ ولم يُنْكِر عليه بحسب قُدْرته فهو عاصٍ لله ورسوله. ا هـ. ملخصاً.

ومذهب الحنفيَّة حُرْمَةُ أَكْل الحشيشة والأَفْيون، لكن دون حُرْمَة الخَمْر؛ لأنَّ حُرْمَة الخَمْر قطعيَّة يَكْفُر مُنْكِرُها، بخلاف هذه، ولو سَكِرَ بأَكْلِها

<<  <  ج: ص:  >  >>