لا يُحدُّ، بل يُعزَّر بما دون الحدِّ. وقد اتَّفق الحنفيَّة والشافعيَّة -كما في (الفَتْح) و (البَحْر) و (الجَوْهَرة) - على وقوع طلاق من غاب عَقْلُه بالحشيشة، وهي وَرَق القُنَّب بضمِّ القاف وكَسْرها، ونونٍ مشدَّدةٍ مفتوحةٍ؛ لفَتْواهم بحُرْمَتِها وتأديب باعَتِها، بعد أن اختلفوا فيها قبل أن يظهر أمرها من الفساد، وقالوا فيمن رأى حِلَّها: إنَّه زنديق. أمَّا الأفيون فحَرامٌ إذا لم يكن للتداوي.
والتعزير كما ذكره فُقهاء الحنفيَّة تأديبٌ دون الحَدِّ، وليس فيه شيء مُقَدَّر، وإنَّما هو مُفوَّض إلى رأي الإمام (السلطة التشريعية الآن) على حسب المصلحة، وما تقتضيه الجناية، فإنَّ العقوبة يجب أن تختلف باختلافها، وعليه أن ينظر في أحوال الناس، فإنَّ منهم من ينزجر باليسير، ومنهم من لا ينزجر إلَّا بالكثير، وله أن يجمع في العقوبة بين الضَّرْب والحَبْس، وأن يبلغ غاية التعزير في الجريمة الكبيرة؛ فيحكم بالقتل سياسةً في الجرائم التي تعظَّمت بالتكرار وشرع القتل في جنسها، وقالوا في السارق: إذا تكرَّرت منه السرقة (العائد)، وفيمن يخنق الناس إذا تكرَّر منه الخَنْق، وفي السَّاحر، وفي الزِّنديق الدَّاعي، أنَّهم يُقتَلون سياسةً.
أمَّا تعاطي الحشيشة والاتِّجار فيها فضررها في العقول والأخلاق والأموال ضررٌ فادحٌ عظيمٌ يقتضي أن تكون العقوبة عليهما من أشدِّ العقوبات وأكثرها رَدْعاً وزجراً. والله أعلم.