للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إِلَّا ذَكَرَ لَنَا مِنْهُ عِلْماً)؛ فنصوص الكتاب والسُّنَّة كفيلةٌ بتبيان ما يحتاجه الناس في أمور دِينِهم ودُنْياهم.

ومن حِكْمة الله ورحمته أنَّه أحَلَّ لنا الطيِّبات وكُلَّ ما منفعته خالصة أو راجحة، وحَرَّم علينا الخبائث وكُلَّ ما كانت مفسدته خالصة أو راجحة؛ قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: ٢١٩]؛ فحرَّم تعالى الخَمْر والمَيْسِر وما فيهما من المنافع، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:٩٠ - ٩١]، وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد في (مسنده)، وأبو داود في (سننه) بسندٍ صحيح، عن أمِّ سَلَمَة رضي الله عنها قالت: (نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّر)، قال العُلماء: (المفتِّر) كُلُّ ما يدرك الفتور في البدن، والخَدَر في الأطراف. وهذا القات لو فرضنا أنَّ فيه بعض النفع، فإنَّ ما فيه من المضارِّ والمفاسد المتحقِّقة تربو وتزيد على ما فيه من النفع أضعافاً مضاعفة.

ولهذا جزم بتحريمه جملةٌ من العُلماء الذين عرفوا خواصَّه، واستدلَّ كُلُّ منهم على تحريمه بما ظهر له؛ فمن جملة من نهى عنه وحذَّر عنه وأفتى بمنعه: الشيخ أحمد بن حَجَر الهَيْتَمِي، وقاسه على الحشيشة وجَوْزَة الطِّيب، وعَدَّ استعمال ذلك من كبائر الذنوب، كما ذَكَرَه في الكبيرة السبعين بعد المائة في كتابه (الزَّواجِر عن اقتراف الكبائر) في كتاب الأطعمة، ثمَّ إنَّه صنَّف فيه رسالةً مُستقِلَّةً سمَّاها: (تحذيرُ الثِّقات، من استعمال الكُفْتَةِ والقَات) وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>