إنَّه ورد عليه بمكَّة المُشرَّفة ثلاث رسائل من عُلماء صنعاء وزَبيد؛ اثنتان بتحريمه، وواحدةٌ بتحليله.
ومن جملة ما ذُكِر في تلك الرسالة قوله: وممَّن قال بتحريمه الفقيه أبو بكر بن إبراهيم المُقْري الحَرَازي الشافعي في مؤلَّفِه في (تحريم القات) قال: كنت آكُلُها في سِنِّ الشَّباب، ثمَّ اعتقدُتها من المتشابهات، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ)، ثمَّ إنِّي رأيت مِنْ أَكْلِها الضرر في بَدَني، فتركتُ أَكْلَها، فقد ذكر العُلماء -رحمهم الله- أنَّ القاتَ من أشهر المُحرَّمات؛ فمن ضررها أنَّ آكِلَها يرتاح ويَطْربُ، وتطيبُ نَفْسُه، ويذهب حُزْنُه، ثمَّ يعتريه قَدْر ساعتين من أَكْلِه همومٌ متراكمةٌ، وغمومٌ متزاحمة، وسوء أخلاق، وكنت في هذه الحالة إذا قرأ عليَّ أحدٌ يشقُّ عليَّ مراجعته، وأرى مراجعته جَبَلاً، وأرى لذلك مشقَّةً عظيمةً ومَلَلاً، وأنَّه يذهب بشهوة الطعام ولذَّته، ويطرد النوم ونعمته. ومن ضرره في البدن أنَّه يخرج مِنْ آكِلِه شيءٌ بعد البول كالوَدْي، ولا ينقطع إلَّا بعد حين، وطالما كنتُ أتوضَّأ فأحسُّ بشيءٍ منه فأُعيد الوضوء، وتارةً أحسُّ به في الصلاة فأقطعها، أو عقب الصلاة بحيث أتحقَّق خروجه فيها فأعيده، وسألتُ كثيراً [من] يأْكُلُها فذكروا ذلك عنها، وهذه مصيبة في الدِّين وبَلِيَّة على المسلمين.
وحدثني عبد الله بن يوسف المَقْري عن العلَّامة يوسف بن يونس المَقْري، أنَّه كان يقول: ظهر القات في زمن فقهاء لا يجسرون على تحريم ولا تحليل، ولو ظهر في زمن الفقهاء المتقدِّمين لحرَّموه. ودخل عراقيُّ اليمن كان يُسمَّى الفقيه إبراهيم، وكان يجهر بتحريم القات، وينكر على آكِلِه، وذكر أنَّه إنَّما حَرَّمه على ما وُصِفَ له من أحوال مستعمليه، ثمَّ إنَّه أَكَلَه مَرَّةً