يتعاطاه أن يتوب إلى الله توبةً نصوحاً، كما يجب عليه التوبة من جميع الذنوب، وذلك أنَّه داخل في عموم النصوص الدالَّة على التحريم، داخلٌ في لفظها العامِّ، وفي معناها، وتلك المضارَّة الدِّينيَّة والبَدَنيَّة والمالِيَّة التي يكفي بعضها في الحكم بتحريمه، فكيف إذا اجتمعت؟
أمَّا المضارة الدِّينيَّة ودلالة النصوص على منعه وتحريمه؛ فمن وجوه كثيرة؛ منها قوله تعالى:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}[الأعراف: ١٥٧]، وقوله:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة: ١٩٥]، وقوله:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[النساء: ٢٩]، فهذه الآيات وما أشبهها حَرَّم الله بها كُلَّ خبيثٍ أو ضارٍّ، فكُلُّ ما يُستخبَث أو يضرُّ، فإنَّه لا يَحِلُّ، والخبيثُ والضرر يُعرَف بآثاره وما يترتَّب عليه من المفاسد، فهذا الدُّخان مفاسُده وأضرارُه كثيرة محسوسة، كُلُّ أحدٍ يعرفها، وأهلُه من أعرف الناس بها، ولكن إرادتهم ضعيفة، ونفوسهم تغلبهم مع شعورهم بالضرر، وقد قال العُلماء: يَحْرُم كُلُّ طعامٍ أو شَرابٍ فيه مَضرَّة.
ومن مضارِّه الدِّينيَّة: أن يُثْقِل على العبد العبادات، والقيام بالمأمورات، خصوصاً الصيام، وما كَرَّهَ العبدَ بالخير فإنَّه شَرٌّ، وكذلك يدعو إلى مخالطة الأراذل، ويُزهِّد في مجالسة الأخيار، كما هو مشاهد، وهذا من أعظم النقائص أن يكون العبدُ مَأْلَفاً للأشرار، متباعداً عن الأخيار، ويترتَّب على ذلك العداوة لأهل الخير، والبغض لهم، والقدح فيهم، والزهد في طريقهم، ومتى ابتُليَ به الصغار والشباب، سقطوا بالمَرَّة، ودخلوا في مداخل قبيحة، وكان ذلك عنواناً على سقوط أخلاقهم، فهو باب الشرور الكثيرة، فضلاً عن ضرره الذاتي.