البَصَر، وله سريانٌ ونُفوذٌ في البدن والعُروق، فيُوهِنُ القُوَى، ويمنع الانتفاع الكُلِّيَّ بالغذاء، ومتى اجتمع الأمران؛ وهما: إضعاف القُلْب والصَّدْر، والكَبِدِ والأَمْعاء شيئاً فشيئاً، ثمَّ ينشأ عن ذلك الأمر الثاني: وهو سدُّ منافذ الغذاء؛ لانشغالها بما يتراكم عليها من الدُّخان المستمرِّ، متى اجتمع الأمران، نشأ عنهما أمراض عديدة؛ منها: إضعاف عروق القَلْب المؤدِّي إلى الهلاك، والأمراض العَسِرة، ومنها السُّعال والنَّزْلات الشديدة التي ربما أدَّت إلى الاختناق وضعف النَّفْس، فكم له في هذا من قتيل أو مُشرف على الهلاك، وقد قرَّر غير واحد من الأطبَّاء المعتبرين أنَّ لشُرْب الدُّخان الأثر الأكبر في الأمراض الصَّدْريَّة، وهي السُّلُّ وتوابعه، وله أثرٌ محسوسٌ في مرض السرطان، وهذه من أخطر الأمراض وأصعبها. فيا عجباً لعاقل حريص على حفظ صحَّته، وهو مقيمٌ على شُرْبه مع مشاهدة الأضرار أو بعضها، فكم تلف بسببه خَلْقٌ كثيرٌ، وكم يمرض منهم أكثر من ذلك، وكم قويت بسببه الأمراض البسيطة حتَّى عظمت، وعزَّ على الأطبَّاء دواؤها، وكم أسرع بصاحبه إلى الانحطاط السريع في قوَّته وصحَّته، ومِنَ العجب أنَّ كثيراً من الناس يعتنون بإرشادات الأطبَّاء في الأمور التي دون هذا بكثير، فكيف يتهاونون بهذا الأمر الخطير؟! ذلك لغلبة الهَوَى، واستيلاء النَّفْس على إرادة الإنسان، وضعف إرادته عن مقاومتها، وتقديم العادات على ما تُعْلَم مضرَّته، ولا تستغرب حالة كثير من الأطبَّاء الذين يُدخِّنون وهم يعترفون بلسان مقالهم أو لسان حالهم بمضرَّته الطبِّيَّة، فإنَّ العوائد تسيطر على عَقْل صاحبها، وعلى إرادته، ويشعر كثيراً أو أحياناً بالمضرَّة وهو مقيمٌ على ما يضرُّه، وهذه المضارُّ التي أشرنا إليها مع ما فيها من تسويد الفم