للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والشفتين والأسنان، ومن سرعة بلائها وتحطيمها وتآكلها بالسوس، ومن انهيار الفم والبلعوم ومداخل الطعام والشراب، حتَّى يجعلها كاللَّحم المنهار المحترق تتألَّم ممَّا لا يُتألَّم منه، وكثير من أمراض الالتهابات ناشئة عنه، ومن تتبَّع مضارَّه البدنيَّة وجدها أكثر ممَّا ذكرنا.

وأمَّا مضارُّه المالِيَّة؛ فقد صحَّ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه نهى عن إضاعة المال، وأيُّ إضاعةٍ أبلغ من صرفه في هذا الدُّخان الذي لا يُسْمِنُ ولا يُغْني من جوع، ولا نفع فيه بوجهٍ من الوجوه؟! حتِّى إنَّ كثيراً من المنهمكين فيه يَغْرَمون فيه الأموال الكثيرة، وربما تركوا ما يجب عليهم من النفقات الواجبة، وهذا انحرافٌ عظيمٌ وضررٌ جَسيمٌ؛ فصَرْف المال في الأمور التي لا نَفْع فيها منهيٌّ عنه، فكيف بصَرْفه في شيء مُحقَّق ضرره؟

ولمَّا كان الدُّخان بهذه المثابة مُضِرًّا بالدِّين والبَدَن والمال، كانت التجارة فيه مُحرَّمة، وتجارته بائدة غير رابحة، وقد شاهد الناس أنَّ كُلَّ مُتَّجر فيه وإن استُدْرِجَ ونَمَا في وقت مؤقَّت، فإنَّه يُبتلَى بالقِلِّة في آخر أمره، وتكون عواقبه وخيمة.

ثمَّ إنَّ النَّجْديِّين -ولله الحمد- جميع علمائهم متَّفقون على تحريمه، والعوامُّ تبعٌ لعُلمائهم ليسوا مستقلِّين، وليس لهم أن يخرجوا عن أقوال عُلمائهم، وهذا واجبهم؛ كما قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣]، ولا يَحِلُّ للعوامِّ أن يتأوَّلوا ويقولوا: إنَّه يوجد من عُلماء الأمصار من يُحِلُّه ولا يُحرِّمه، وما نظير هذا التأويل الفاسد الجاري على ألسنة بعض العوامِّ تبع الهوى لا تبع الحقِّ والهُدى، إلَّا كما قال بعضهم: يوجد بعض عُلماء الأمصار لا يوجبون الطمأنينة في الصلاة، فلا تنكروا علينا إذاً اتباعهم، أو يوجد من يُبيح رِبا الفَضْل فلنا أن نتَّبعهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>