الجواب: لا شكَّ أنَّ تناول التَّبْغ (المعروف بالدُّخان) حَرامٌ؛ لإضراره بالصحَّة، وتَفْتِيره، وإيذاء مُستعمِله جُلَساءَه من بني آدم، والذين لا يستعملونه، ومن الملائكة في مواضع العبادة، ولما فيه من إضاعة المال، وبذلك تتناوله الأدلَّة التالية:
الأوَّل: قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة: ١٩٥]، من الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة تناوله المُضِرَّ. والدُّخان مُضِرٌّ بشهادات جهابذة الأطبَّاء، قال العلَّامة الشيخ محمَّد الطَّرابيشي الحَلَبي في كتابه (تبصرة الإخوان في بيان أضرار التَّبْغ المشهور بالدُّخان): أجمعت عُلماء الطبِّ قاطبةً من أهل القرون الثلاثة بعد الألف على أنَّ استعماله مُضرٌّ للأجسام الإنسانيَّة، وأنَّه يُعطِّل الشرايين الصَّدْريَّة، ويُحدِثُ أمراضاً صَدْريَّة يتعذَّر البُرءُ منها.
وقال: قد تحقَّق عند عامَّة المُحقِّقين من أئمَّة الطبِّ المُعتَبَرين أنَّ مضارَّ الدُّخان -أعمُّ من أن يكون توتوناً أو تنباكاً- كثيرةٌ جدًّا. قالوا: ويشعر بأعراضها الجُزْئيَّة كُلُّ من يباشر استعماله قبل الاعتياد عليه؛ وهي: دوارٌ، وغَثَيانُ الصَّدْر، وقَيْءٌ، وصُداعٌ، وارتخاءُ العَضَلات؛ أي الأعصاب، ثمَّ سُبَاتٌ؛ أي راحةٌ، وهي كنايةٌ عن حالة التخدير الذي هو من لوازم التَّبْغ المتَّفَق عليها من غير نكير.
وقال العلَّامة أبو عبد الله محمَّد عِلِّيش المالكي في مسائل النَّذْر من كتابه (فتح العَلِيَّ المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك): قد نصَّ حُذَّاق الأطبَّاء على أنَّه -أي الدُّخان- يَضرُّ، ولا ينفع شيئاً من العِلَل، وأنَّه يُحدِثُ عِللاً لا تَسْكُنُ إلَّا به، فنظير متعاطيه مَنْ مَزَّق ثوباً صحيحاً واحتاج إلى ترقيعه. قال: ويَدُلُّك على صحَّة ذلك أنَّ مِن شأن الدَّواء قَطْع وكراهة النَّفْس