للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له، وتركه بمجرَّد حصول الشفاء، وليس الدُّخان كذلك، إذ مَنْ اعتاده لا يستطيع تركه إلَّا إذا كان نائماً، فهو الدَّاء الذي لا دواء له إلَّا تركه واللَّهو عنه، كوسوسة الشيطان، استَجَرْتُ منه باسم الرحمن.

وقال في رسالة له في الدُّخان، ضمن تلك الفتاوى، وآخر مسائل الأذان: وأدنى ضرره -أي الدُّخان- إفساده العَقْل والبَدَن، وتلويث الظاهر والباطن المأمور بتنقيتهما شرعاً وعادة ومروءة، كما يُلوِّث آلة شُرْبه، والظاهر عنوان الباطن، واستعمال المُضرِّ حَرامٌ.

وذَكَرَ في هذه الرسالة: أنَّ أطباء الإنكليز شرَّحوا رجلاً مات باهتراء كَبِده وهو ملازمه -أي: الدُّخان- فوجدوه سارياً في عُروقه وعصبه ومُسَوِّداً مُخَّ عِظامِه، وقَلْبُه مثل سَفَنْجَةٍ يابسةٍ، وفيه ثُقَبٌ مختلفةٌ صُغْرى وكُبْرى، وكَبِدُه مَشْويَّة، فمَنَعوا -أي الأطبَّاء الإنكليز -عن مداواته.

الثاني: من أدلَّة تحريم الدُّخان؛ ما رواه أحمد في (مسنده) وأبو داود بسندٍ صحيح، عن أمِّ سَلَمَة رضي الله عنها، أنَّها قالت: (نَهَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ). وحصول التَّفْتِير باستعمال الدُّخان ثابتٌ بلا شكٍّ؛ قال الشيخ محمَّد فقهي العَيْني الحَنَفي في رسالته التي حَرَّم فيها الدُّخان: هو -أي الدُّخان - مُفَتِّر باتِّفاق الأطبَّاء، وكلامهم حُجَّة في ذلك وأمثاله باتِّفاق الفقهاء سَلَفاً وخَلَفاً.

الثالث: ما رواه الطبراني في (معجمه الأوسط) بإسناد حسن، عن أنس رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ آذَى مُسْلِماً فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ)، ووجه الاستدلال بهذا الحديث أنَّ في استعمال الدُّخان في مجالس المسلمين إذايتهم برائحة كريهة، وقد ثبت في رائحة الثوم والبصل من حديث جابر رضي الله عنه أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>