للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ). فما دام الأمر هكذا في رائحة الثوم والبصل المُباحَيْن، فكيف إذاً؟! إنَّ رائحة الدُّخان المنهي عنه عن المسلمين في المجالس والمساجد من باب أَوْلى؛ ولذلك جزم أبو يحيى شيخ العلَّامة محمَّد بن عِلِّيش المالكي بأنَّه لا خلاف في تحريم الدُّخان في المساجد والمحافل؛ قال -كما في (الفتاوى) - تلميذُه محمَّد ابن عِلِّيش في باب المباح: أمَّا فيها -يعني في المساجد والمحافل- فلا شكَّ في التحريم، إنَّ له رائحة كريهة، وإنكارها عِنادٌ.

وقد ذكر في (المجموع) في باب الجمعة أنَّه يَحرُمُ تعاطي ما له رائحة كريهة في المساجد والمحافل، ومعلوم أنَّه عند قراءة القرآن يَشْتدُّ التحريم -أي تحريم تعاطي الدُّخان-؛ لما في ذلك من عدم التعظيم، ومن أنكر مثل هذا لا يُخاطَب؛ لجموده وعناده. اهـ.

وكما يتأذَّى المسلمون برائحة الدُّخان تتأذَّى بها الملائكة، كما في حديث جابر رضي الله عنه عند البخاري ومسلم، عن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (إنَّ المَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ)، ومعلوم أنَّ بني آدم يتأذَّى من رائحة الدُّخان.

الرابع: ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما، عن المُغيرَة بن شُعْبَة رضي الله عنه، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنْعًا وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ).

وأقوى الأقوال في تفسير إضاعة المال كما في (باب عقوق الوالدين من الكبائر من (فتح الباري) أنَّه ما أُنْفِقَ في غير وجهه المأذون فيه شرعاً. وصرف المال في سبيل استعمال الدُّخان لا شكَّ أنَّه ممَّا ينطبق عليه هذا التعريف.

لهذه الأدلَّة وبغيرها ممَّا يطول الكلام باستقصائه جَزَم كثيرٌ من عُلماء

<<  <  ج: ص:  >  >>