للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على اختلاف أنواعها هو الكُؤل، وأنَّ التَّخَمُّر لا يمكن حصوله إلَّا إذا كان في العَيْن المُتخَمِّرة خَميرةٌ تُحدِثُ التَّخمُّر مع مادَّة سُكَّريَّة، وأنَّ الخالي من المادَّة السُّكَّريَّة لا يمكن تَخمُّرُه مهما طال زمن مُكْثِه؛ كالحَنْظَل.

أمَّا ما كان فيه مادَّة سُكَّريَّة فيَتَخَمَّر، وإن تَخمَّر فهو عبارة عن استحالة المادَّة السُّكَّريَّة إلى ما يُسمَّى بالكُؤل، وإلى حمض كَرْبونيك؛ فيصير مُسْكِراً بسبب هذا الكُؤل؛ لأنَّه هو المُحدِثُ للإسْكار. وقد أثبتوا أنَّ الطَّبْخَ بالنَّار يُعدِمُ الكُؤل، فإذا عَلِمْتَ أنَّ سبب الإسْكار هو العُنصر المُسمَّى كُؤلاً -اسبيرتو-؛ فنقولُ: إنَّهم إذا استخرجوه من الأشْرِبة المُسْكِرَة، أو من بعض الحُبوب أو الأخشاب، فهو بانفراده لا يُسْكِرُ، لكنَّه يُؤذي؛ فإذا شَرِبَهُ صِرْفاً إمَّا أن يقع في سُباتٍ، وإمَّا أن يَذْهَب عَقْلُه، فإذا أُريدَ تحويلُه للإسْكار مَزَجوه بثلاثة أمثاله ماءً، ثمَّ اسْتَقْطَروه، وهو العَرَقُ المعروف الشَّائع بَيْعُه في أكثر الحانات.

ونُفيد ثالثاً: إنَّهم كانوا يستخرجون الاسبيرتو من الخَمْر، ومن كُلِّ الأشربة المُسْكِرَة، ولمَّا كَثُرَ استعمالُه في الطِّبِّ والصَّنائع، واتَّسعَت تجارتُه، صاروا يَستحضِرونَه من الفواكه والخُضْراوات والبُقول والحُبوب، بل ويَستَحضِرونَه أيضاً من الأخشاب.

وعلى ذلك نقول: ما كان مُستَحضَراً من الخَمْر أو من الأشْرِبَة المُسْكِرَة غير الخَمْر يُعطَى حُكمَها نجاسةً وطهارةً.

وما كان مُستَحضَراً من الثِّمار والحُبوب والأخشاب فهو طاهِرٌ، وهذا الصِّنف هو الرَّائِج والغالِب استعمالُه في المتاجِر على ما بَلَغَنا ممَّن بحثوا عنه.

بقي ما لو أضافوا الاسبيرتو على الأدوية، وعلى الرَّوائح العِطريَّة كالكُلونْيا؛ لإصلاحها؛ فهل يُعْفَى عنه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>