للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السوائل الكُحولية لأغراض الطباعة والرسوم والخرائط والمختبرات العِلْمِيَّة ... إلخ؟

الجواب: من المعلوم أنَّ مادَّة الكُحول تُسْتخْرجُ غالباً من الخشب وجذور القَصَب وأَلْيافِه، ويَكْثُر جِدًّا في قُشور الحِمْضيَّات؛ كالبرتقال واللَّيمون، كما هو مُشاهدٌ، وهي عبارة عن سائل قابل للاحتراق، سريع التبخُّر، وهو لو استُعْمِل مُفْرَداً لكان قاتلاً أو ضارًّا أو مسبِّباً للعاهات، لكنَّه إذا خُلِطَ بغيره بنِسْبَةٍ مُعيَّنة جَعَل ذلك المَخْلوط مُسْكِراً، فالكُحول نَفْسُها ليست تُسْتعملُ للشُّرْب والسُّكْر بها، ولكنَّها تُمزَجُ بغيرها فيَحْصُل السُّكْر بذلك المخلوط. وما كان مُسْكِراً فهو خَمْرٌ مُحرَّمٌ بالكتاب والسُّنَّة وإجماع المسلمين، لكن هل هو نَجِسُ العَيْن كالبَول والعَذِرَة؟ أو ليس بنَجِسٍ العَيْن ونجاستُه مَعْنويَّة؟ هذا موضعُ خلافٍ بين العُلماء، واتَّفق جمهورهم على أنَّه نَجِسُ العَيْن. والصواب عندي أنَّه ليس بنجس العَيْن، بل نجاستُه مَعْنويَّة؛ وذلك للآتي:

أوَّلًا: لأنَّه لا دليل على نجاسته، وإذا لم يكن دليلٌ على نجاسته فهو طاهر؛ لأنَّ (الأصل في الأشياء الطهارة)، و (ليس كُلُّ مُحرَّم يكون نَجِساً)، والسُّمُّ مُحرَّمٌ ليس بنَجِسٍ، وأمَّا قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩٠ - ٩١].

قلنا: إنَّ استعمالها في غير الشُّرْب جائزٌ؛ لعدم انطباق هذه {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}؛ فكما أنَّ المَيْسِر والأنْصاب والأَزْلام ليست نَجِسَة

<<  <  ج: ص:  >  >>