الجواب: على الرغم من قول جمهور الفقهاء بنجاسة الخنزير، وقول بعضهم بطهارته، إنَّهم متَّفقون على أنَّ مَيْتَة الحيوانات نَجِسَة، وهي التي لم تُذْبَح ذَبْحاً شرعيًّا، أو كان أَكْلُها حَراماً حتَّى لو ذُبِحت؛ كالحِمَار مثلاً. والنَّجاسَةُ تشمل كُلَّ جُزءٍ من أجزاء المَيْتَة، غير أنَّ جِلْد المَيْتَة يَطْهُر بالدِّباغ، إلَّا جِلْد الكَلْب والخنزير عند الجمهور.
ورأى داود الظاهري وأبو يوسف من الحنفيَّة تعميم الطهارة بالدَّبْغ لكُلِّ الحيوانات؛ لعموم الأحاديث الواردة في ذلك.
أمَّا غير الجِلْد من المَيْتَة فلا يطهر بالدِّباغ، ولا بأيَّة مادَّة أخرى، ويبقى على نجاسته. كما اتَّفق الفقهاء على أنَّ ما يُؤخَذ من الحيوان حال حياته له حكم مَيْتَتِه، مع استثناء شَعْر وصُوف وَوَبَر مأكول اللَّحم؛ فهي طاهرةٌ؛ قال تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ}[النحل: ٨٠]، وجاء في الحديث الذي رواه الحاكم وصحَّحه:(مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ كَمَيْتَتِهِ).
ومن هنا نقول: إنَّ الجزء الذي يُنْزعُ من الخنزير لوَصْله بجسم الإنسان نَجِسٌ باتِّفاق الفقهاء، سواء نُزِع منه وهو حيٌّ -لأنَّ ما قُطِعَ من الحيِّ فهو كميتته، ومَيْتتُه نَجِسَة باتَّفاق-، أو نُزِعَ منه بعد موته، فهو نَجِسٌ أيضاً، وإذا كان رأي داود وأبي يوسف أنَّ جِلْدَه يَطْهُر بالدِّباغ، فأيُّ جزءٍ آخر غير الجِلْد لا يَطْهُر بالدِّباغ.
وإذا كان الأمر كذلك -وهو الاتفاق على نجاسة ما يؤخذ من الخنزير حيًّا أو ميتاً-؛ فهل يجوز نَقْل جزءٍ منه إلى جسم الإنسان للعلاج؟
سبق القول في جَبْرِ عَظْم الإنسان بعَظْم نَجِسٍ؛ وخُلاصَتُه: أنَّ فقهاء المالكيَّة والحنابلة والشافعيَّة قد